أنوار عبدالرحمن
هل نحن بحاجة إلى ميزان خاص، لنصل به إلى المعادلة الناجحة، في علاقاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين؟ إليكم هذا الحوار الذي دار بين صديقين، ومحاولة للوصول إلى النتيجة الصحيحة لهذا المفهوم.
ـ تخيل يا صديقي.. البعض منا يبخل على نفسه بالاهتمام والحب في كثير من المواقف، على الرغم من أنه كريم مع الآخرين في نواح شتى، الى حد الشعور بالسذاجة.
ـ هذا الشعور يأتي باختيارنا.. أليس كذلك؟
ـ نعم، وأحيانا ترى نفسك تقوم بدور الشمعة، وعندما تذوب احتراقا وترى كيف يتلاشى أثر وجودك شيئا فشيئا أمام عينيك، تبصر بعين العقل فتدرك أنك قد أخطأت بقيامك بهذا الدور، ولو كنت كالمصباح مضيئا بذاتك، وتضيء لمن حولك كان الأفضل لك.
ـ وكثير منا يبحث عن أن يقوم بدور المدفأة، كي يمنحهم الدفء والأمان، أمام صقيع الألم والوحدة والخوف، وحينما يتحول الخشب والفحم إلى رماد وينتهي مفعوله، يرحل كل من كان يلتم حولها، بعد أن تركت في نفوسهم الدواء وتركوا بجوفها الداء.
ـ لذلك لابد لنا أن نوازن في العطاء والحب بين العلاقة مع الذات وعلاقاتنا مع الآخرين.
ـ قال لي أحدهم يوما ما ناصحا: لا تفرغ كل ما في كأسك، في آنية الآخرين، اترك نصفا منه لك، والنصف الآخر لا تسأل هل من ستعطيه يستحق هذا أم لا يستحق.
ـ صحيح.. هذا كلام منطقي.
ـ والمهم هو ألا تجد في نفسك أسى أو شعورا بالإحباط تجاه ما تقدمه للبشر حينما ينكرون أو ينسون.
ـ كلنا يحتاج إلى الدعم والمناصرة في هذه الحياة.
ـ حينما تقف تحت الشمس ضع قبعتك على رأسك، لأنه لن يشعر بشدة حرارتها ولهبها سواك، بيدك تحمي نفسك، وبذلك ستتمكن من المواصلة في حماية الآخرين.
ـ أتساءل أحيانا.. لماذا إذن تغيب صورتي بعض الأحيان عن أذهان من أحبهم؟ أليس هم الأقرب لي، ولابد أن يشعروا بآلامي؟ وأحتاج إلى وقوفهم بجانبي؟
ـ عندما تعطيهم حقهم هم أيضا في الحب والتقدير، سيبادلونك بالمثل وربما يقدمون لك المؤازرة ومن التضحيات أكبر مما قدمته لهم، المهم أن نحافظ على قلوب من نحبهم، وألا نخسرهم ونحن في خضم مشاغلنا في الحياة، لأنهم كالزيت للمصباح الذي لولاه فلن نضيء.
ـ أعتقد أننا بحاجة إلى تغيير بعض من قناعاتنا، ونضع الميزان أمامنا، لنوازن بين العطاء والحب لأنفسنا ولأحبابنا ولمن حولنا.
ـ نعم.. وعندها ستمتلئ رضا تجاه الحياة.. صدقني.