أنوار عبدالرحمن
في هذه المساحة سأسطر حديثا هادئا، في فقرات لمواضيع مختلفة، وكلي أمل أن تلقى استحسانكم.
عندما ركبت معها الطائرة كانت تتحاشى النظر من النافذة الصغيرة التي تحاذي مقعدها، فهي تشعر بالخوف عندما ترى شكل الأرض والعالم الخارجي وهو يصغر وتتلاشى صورته، مع ارتفاع الطائرة إلى أعلى، قلت لها لماذا تنظرين إلى الأسفل ولا تنظرين باتجاه السماء إلى الأعلى، وتتخيلين لو أننا نحلق بأجنحتنا نحو الأفق، ونخترق السحاب والغمام ونلامسه بأيدينا، فستشعرين حقا كم هو هذا الإحساس ممتع، نظرت إلي بتعجب، فهزت رأسها قائلة: لا يمكن أبدا.. أبدا.
كانت تعيش بإخلاص غريب داخل مربع حبست فيه برنامج حياتها، تقيسه بأقدامها وتسير باحترام على أضلاعه، ومجرد أن طرأ أمر جديد على دنياها، اختلت ساعتها البيولوجية، وثارت عاصفة في خريطتها الذهنية، فلماذا يكره بعضنا التغيير، ولا يتعامل معه بروية، ربما عندما يتغير شكل المربع الذي نعيش في حدوده، يتحول أسلوب حياتنا للأفضل، من الوضع الممل والجامد، إلى وضع أكثر متعة وحرية.
كانت تجلس في مكتبها وحيدة، تتجاذبها مشاعر الخيبة والمرارة، بسبب صديقاتها المقربات، واللاتي قد تعاهدت معهن على الوفاء لحمل مشروعهن المستقبلي ورعايته، ودب بينهن خلاف بسيط، لكنه ازداد اتساعا شيئا فشيئا، حتى قررت العمل بعيدا عنهن ولوحدها، فجاءها زميل لها في العمل لم تتوقع حضوره، بعد أن عرف بالموضوع كاملا، وقال لها مواسيا «بعض الأحيان يحتاج الإنسان للسير بمفرده، ويكافح من أجل هدفه»، أعجبتني جملته هذه عندما سمعتها، نعم هذا صحيح.. بعض الأحيان يحتاج الإنسان للسير بمفرده في هذه الحياة، لأنه الوحيد الذي يعرف أين تتجه بوصلة قلبه.
دخلت على ابنتها الساعة السادسة صباحا لتوقظها للمدرسة، فوضعت يدها على كتفها وهزتها بلطف، وقالت لها «صباح الخير.. قومي حبيبتي، انه يوم جديد ينتظرك».. تذكرت عندها تلك الأم التي توقظ أبناءها صباحا بطريقة همجية، وتهز أكتافهم بقوة «قوموا.. أيها البليدون، ما أتسعكم وما أشقاني بكم».. شتان بين هذه الأم وتلك.
كانت تسير مع زوجها الضرير في أحد الأسواق، وحينما طلب منها أن تعدل أكمامه، اصطدمت بسيدة مع زوجها، التفتت نحو زوج السيدة وإذا به يبتسم ويغمز لها بعينيه، حينها تمنت داخل نفسها لو أن زوجها مبصرا كذاك الرجل، كي يرى جمالها ومدى جاذبيتها، بينما السيدة التي لاحظت نظرات زوجها الدنيئة لتلك المرأة، وأخفت عنه ما قد رأت، تمنت لو كان زوجها ضريرا مثل ذاك الرجل كي ترتاح من خياناته.
قلت لإحدى الفتيات الشابات بعد حديث طويل عن موضوع يخصها: تذكري حبيبتي.. ألا تغادري مكانا إلا وتغرسي في نفوس الذين مررت عليهم.. (وردة).. وأنا كم أتمنى قبل ختام كل مقال أكتبه، لو تركت في نفوس قرائي.. باقة ورود.
[email protected]