تعلمنا من إعلامنا العربي، والذي يكتب سيناريو الأحداث الاجتماعية بطريقته الخاصة، ليعطيك التصور الوحيد الذي لا يتغير ولا يتبدل لعواقب الأمور عن أغلب الأحداث التي تمر علينا في حياتنا، حتى أصبحنا على قناعة تامة بما يمكن حدوثه، فلا أستغرب من الحلقات الأخيرة لكل مسلسل تلفزيوني عربي أن ينتهي بشلل الأب الذي يتزوج بامرأة أخرى على زوجته الأولى، أو يأتي لها راكعا مستسلما ليقبل رأسها ويديها وربما أقدامها، معلنا أنها هي المرأة الوحيدة الصادقة والوفية والمحافظة على بيتها وأولادها، ولن تنافسها امرأة أخرى في ذلك أبدا، مع العلم أن كثيرا من الرجال تزوجوا على زوجاتهم، لسبب أو لآخر وعاشوا سعداء وماتوا سعداء، وكانت الزوجة الأولى كالعادة تنتظر من ذلك الزوج، حسب ما صوره لنا سيناريو مسلسلاتنا العربية، أن يركع لها زوجها السابق معترفا أمام الجميع بالجريمة التي ارتكبها في حقها، وأنه نادم تماما على ما فعل من كبيرة، يستحق عليها الموت أو الشلل أو حتى دخول مستشفى المجانين.
ومن الناحية الأخرى لو تابعنا فيلما أو مسلسلا أجنبيا، وكان أحد الزوجين خائنا، أو انفصلا، لأسباب قد تكون منها دخول طرف ثالث إلى حياتهما الأسرية، لا تتحول تلك المشاهد إلى مجالس عزاء، وينتظر كل واحد منهما العقاب الإلهي الشديد، الذي سينزل على رأس شريك حياته لأنه اختار إنسانا آخر، ليكمل معه مشواره الباقي من الحياة، والغريب في الأمر أن هذين الزوجين يتقبلان الأمر الجديد، والذي قد يكون قاسيا على وضع الأسرة، بعد تفكير عقلاني، ومراجعة للنفس، ومناقشة مع الطرف الآخر، ثم يبدأ كل منهما في التخطيط لحياته المستقبلية بشكلها المقبل.
وقبل ختام المقالة.. أعترف بأن هدفي من وراء كل ما كتبت، هو نقل الصورة الحقيقة الغائبة، عن أذهان بعض أخواتي من النساء، واللاتي مررن بتجارب مؤلمة مع أزواجهن، راجية ألا يتأثرن كثيرا بالأحداث الدرامية للمسلسلات العربية المكررة، والتي تعرض أمام المشاهدين طوال السنة، وألا ينتظرن، كما يقال لهن، الزوج الذي خرج من أقفاص حياتهن الذهبية مع امرأة أخرى، أن يعود نادما وراكعا وباكيا، بسبب غبائه أو جهله أو سفاهته، وأدعوهن إلى تقبل الواقع كما هو، ويبدأن حياتهن الجديدة بنظرة متفائلة للمستقبل، مع ذلك الرجل أو من دونه، فقليل من الأوهام كفيلة بقتل الكثير من الأحلام.
[email protected]