تابعت الحلقتين اللتين تحدث فيهما الشيخ الفاضل نبيل العوضي عن المأساة التي يعيشها عدد كبير من الأسر، من فئة غير محددي الجنسية على أرضنا الطيبة الكويت، وطالب فيهما بحقوقهم الإنسانية والاجتماعية التي حرموا منها، وأدت إلى مشاكل وأزمات مستعصية يعانون منها بسبب هذا الحرمان المتواصل، لأن حصولهم عليها لا يعتبر منة ولكن هو حق شرعي وقانوني وإنساني.
وأذكر منذ عدة شهور، عندما كنت أقوم بعمل لقاء صحافي مع عدد من الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين، عن معاناة أبنائهم بسبب أن والدهم «من غير محددي الجنسية»، قالت لي إحدى المتواجدات: أنا كويتية عمري أربعون عاما، ولكن لا أملك الجنسية، على الرغم من أن والدي وجدّيّ عاشوا على هذه الأرض، ولم يعرف أحدنا غيرها، ولم نشم غير هوائها، ولا لنا انتماء لغيرها، ولو يسألني غريب عن هويتي فسأقول إنني كويتية بكل فخر، لأنني لا أشعر بغير ذلك، ولكن هناك غصة في البلعوم وطعنة في الصدر، لأن هناك من يحول بيني وبين ثبوتيتي لهذا الوطن، وحرماني من الحياة الكريمة، على الرغم من أن أبي كان ممن دافع عن هذه الأرض الغالية، أيام الغزو العراقي الغاشم، ولكن كل ذلك لم يشفع عندهم لحصول أبي على هوية الانتماء لبلده الكويت، فهو «بدون» نعم ولكنه كويتي بروحه وقلبه ولحمه ودمه.
في تلك اللحظات كنت استمع إليها وإلى كل من حدثتني عن المأساة التي تعيشها هذه الفئة المظلومة، كنت أتساءل بيني وبين نفسي: هل البشر مخولون كي يحرموا أبناء جلدتهم من حقوق فرضها الله في كتابه من فوق سبع سنوات، بحجج ليس لها أي منطق؟! وهل مشاعر الولاء لهذه الأرض تحتاج إلى إثبات مادي؟!
وسؤال أخير أوجهه إلى كل معارض لحق حصول إخواننا «البدون» على الجنسية: كم عدد الأصول التي ينتمي إليها الكويتيون؟.. ستجد أكثر من أربعة أصول مختلفة وهذا الأمر لا يخفى على أحد، ومنهم من لا ينطق اللهجة الكويتية حتى الآن بشكل صحيح، وهذا غير الآسيويات والأجنبيات اللاتي حصلن عليها بمجرد زواجهن من كويتي، وحصلن على حقوق لم يحلمن بها حتى في بلدانهن، ولا يمتلك بعضهن ذرة ولاء أو تقدير لهذه الأرض.
إن الحق الإنساني لتلك الفئة المظلومة واجب وليس منة من أحد، ومن يستحقون الجنسية لهم حق كغيرهم فيها، وملفاتهم المعطلة التي تشهد بذلك، تملأ الأدراج، ونحن بانتظار الأيام القادمة لنرى من يبادر من أعضاء مجلس الأمة، ويدخل الفرحة في قلوب الآلاف من المظلومين لسنوات طويلة.. من يبادر؟!
[email protected]