يصادف اليوم الخميس الثاني من شهر أغسطس من العام الميلادي، مرور ذكرى حزينة على وطننا الغالي الكويت، وعلى المواطنين الأوفياء، ذكرى أليمة في نفوسهم، بحيث لا يستطيعون نسيان هذه الذكرى الكئيبة، وهو مرور 22 عاما على قيام النظام الصدامي بالاعتداء والاغتصاب لكيان دولة مستقلة بذاتها.
ومع هذه الذكرى المريرة، أود أن آخذكم خلال هذه المقالة بجولة مع مواطنين كويتيين كان لهم دور مميز وحيوي في تلك الفترة، ولكن يطلق مصطلح كلمة «بدون» على هذه الفئة من المواطنين الكويتيين، لأنهم لا يحملون الجنسية الكويتية.
ففي خلال فترة الاحتلال الصدامي الغاشم عام 1990، تم إصدار نشرة تحمل عنوان «التحرير» أصدرتها مجموعة من الطلبة الكويتيين «البدون» في الولايات المتحدة الأميركية.
فقد وقعت بين يدي نسخة من تلك النشرة، وكان العدد الثاني من إصدارها لشهر ديسمبر 1990، فقد احتوى العدد على تنوع الأخبار والمعلومات والتعليقات والرسائل والكلمات التي ترسل الى القائمين على النشرة، حيث وجدنا من خلالها الموقف الداعم للكويت أثناء الاحتلال، فقد أشار أصحاب النشرة الى ذلك من خلال زاوية «ان صوت التحرير هو تعبير صادق وناطق باسمك» فهذه العبارة كانت توجه الى «كل كويتي من فئة البدون».
أما افتتاحية هذه النشرة، فتميزت بالطرح العقلاني الواضح والمعبر عن هموم هؤلاء الأفراد، فقد جاء في الافتتاحية «تردد في الآونة الأخيرة وإبان الغزو الصدامي الغاشم على الكويت بعض الأقاويل والإشاعات والتهم تشكك في وطنية الاخوة الكويتيين من فئة «بدون جنسية» وتناقلت بعض الجرائد والمجلات العربية والأجنبية وفي أول أيام الغزو البربري الصدامي، ان هذا الغزو هو نتيجة تواطؤ بعض الكويتيين من فئة «بدون» وقوات الغزو، خصوصا ان القطاع الغالب من هذه الفئة هم ممن يخدم في الجيش أو سلك الشرطة والأمن العام، لكن بحمد الله، فقد أثبتت الأيام عكس هذه الاتهامات المغرضة، حيث ان آلافا من هذه الفئة المظلومة، قد وقفوا وقفة وطنية مشرفة وشجاعة في صد هذا العدوان الغاشم، وقدموا العشرات من الشهداء والمئات من الأسرى وغيرهم من المفقودين حتى هذا اليوم».
كما كتبت مجلة «واشنطن بوست» الأميركية، وأثناء انعقاد المؤتمر الشعبي في جدة، مقالا أكدت فيه ان قطاعات الشعب الكويتي ممثلة في تياراتها السياسية والاجتماعية قد حضرت هذا المؤتمر لتؤكد ولاءها للشرعية ورفضها للعدوان.
وبناء عليه، فإننا نحن الكويتيين من فئة «بدون»، ندعم كل المواقف المشرفة والتضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء هذه الفئة مشاركين بقية قطاعات المجتمع الكويتي في نضاله ضد هذا الغزو الظالم، فهو خير ممثل لهم في أرض الواقع، والتي ستبقى في سجل التاريخ لتشع بأحرف من نور في تاريخ هذا البلد المعطاء.
واستمرت الافتتاحية فيما قام به «أمير القلوب» المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح «رحمه الله»، حيث ذكرت «ان اللفتة الأبوية من قبل حضرة صاحب السمو أمير البلاد بالقرار الأميري لمساواة العسكريين من فئة «البدون» في المعاملة المالية وغيرها بمن يحمل الجنسية، خير دليل على إدراك الحكومة ووعيها الكامل بمواقف وتضحيات هذه الفئة المخلصة.
ونحن الكويتيين فئة «بدون» لنعتز وبكل فخر بكل قرارات المؤتمر الشعبي في جدة، والذي جسد بالفعل طموحات كل الكويتيين في هذه المرحلة الحساسة من تاريخنا، وان أسمى أمانينا ان نرى الكويت حرة مستقلة بقيادة حكومتها الشرعية، وبدعم كل قطاعات الشعب الكويتي.
هذه كانت الافتتاحية التي نشرتها «التحرير» خلال فترة الغزو الصدامي الغاشم والتي نعتقد انها بمثابة وثيقة مهمة جدا، كانت تصدر بالخارج، عبر مجموعة من فئة «بدون» أو هي مستند مهم يدين طاغية العراق البائد (صدام)، بما فعله بهذه الفئة التي كانت تعيش بيننا ككويتيين من الاستقرار الهادئ والسلام والعز والطمأنينة والتعايش الإسلامي والإنساني.
فاكهة الكلام: ورد عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا الكذب، وإن رأيتم فيه النجاة، فإن فيه الهلكة».
[email protected]