بدر الخضري
في العشرة الأواخر من شهر رمضان المبارك من كل عام هجري، تمر على الأمة الإسلامية ذكرى أليمة تبعث الحزن والأسى والكآبة في قلوب المسلمين، ذكرى استشهاد بطل الحرية والإنسانية والعدالة، ذكرى استشهاد امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) ذلك الإنسان الجريء والقوي والشجاع، الذي لعب دورا في مواجهة حركات الطغيان والفساد والبغي وسياسة تمزيق الأمة ومحاربة مروجي الأفكار والأحداث والوقائع المبنية على الفتن والتشويه، فالإمام علي ( عليه السلام )، ترعرع في بيت من أفضل بيوت الإسلام، هو بيت الحق والعدل والرحمة، بيت اشرف الأنبياء والرسل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولد الامام علي ( عليه السلام ) بمكة المكرمة، داخل بيت الله الحرام، ولم يولد قط في بيت الله سبحانه وتعالى مولود سواه لا قبله ولا بعده، تلقى علوم العلم والمعرفة علي يد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فالرسول الأكرم ( صلى الله عليه وسلم ): يقول عنه: «أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب» (السيوطي في كتاب الجامع الصغير – ج الأول).
الإمام علي ( عليه السلام ) هو صاحب ذلك الكتاب الإرشادي والنفسي والعلمي والسياسي والاقتصادي والتربوي والاجتماعي وهو كتاب «نهج البلاغة» تميز الإمام علي خليفة الرسول الأعظم بمقارعة الظالم في سبيل رفعة كلمة الحق واسم الله سبحانه وتعالى واستشهد في سبيل الله على يد واحد من أنجس وألعن من جاءوا بهذا الكون هو عبدالرحمن بن ملجم، وهو في المحراب المبارك يؤدي الصلاة بين يدي الخالق الواحد في أروع مشهد يمكن وصفه بالإنسان العادل.
فحينما ضرب الإمام علي ( عليه السلام ) في المحراب وحمل الى داره وجيء بالذي ضربه بالسيف وهو عبدالرحمن بن ملجم عليه لعائن الله، ووضع بين يدي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لينظر فيه، فنظر إليه الإمام ثم التفت الى أهل بيته، وقال «أطعموه مما تطعموني منه» فكان يشرب اللبن قليلا ثم يقدم الى ابن ملجم، ويقول الإمام مخاطبا أهله «ان عشت رأيت الحكم فيه، وان مت فاضربوه ضربة واحدة ولا تمثلوا به».
انظروا أيها القراء الى هذا القضاء العادل والمنصف الذي اتسم به الإمام علي ( عليه السلام ) ففي الحادي والعشرين من شهر رمضان الكريم استشهد رجل الإنسانية والعدالة، ومنها تكسرت أركان الهدى وعقيدة الإسلام الأصيل نتيجة استشهاد «ابو الأئمة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام )».
وقفة رمضانية
كان الإمام علي ( عليه السلام ) مع بعض أصحابه في منطقة الظهران في الحجاز، فوقف في مكان فيه الرمل فجعل يجر الرمل وينحيه وينظر في الأرض ما تحت الرمل.
فقال له بعض أصحابه: لماذا تفعل ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال ( عليه السلام ): ان في هذا المكان عينا من النفط. قيل: وما هو النفط؟
قال ( عليه السلام ): عين تشبه الزيت، لو أخرجتها من هذا المكان لأغنت جميع العرب منها.