بدر الخضري
لا شك، ونحن قد دخلنا في الألفية الجديدة منذ عام 2001، وبدأ معها صراع أيديولوجي جديد، فرض واقعه على هذ الكوكب الذي نعيش فيه، من خلال عصر منفجر ومتدفق بالمعلومات والأفكار والمعارف والأرقام والبيانات المتبادلة بين من يعيشون داخل هــذا الكوكب وهو الأرض، المترامي الأطراف، عصر أطلق عليه عصر «الإنترنت».
فهناك فئات وأجناس إنسانية تحاول ان تبحث عن كل جديد وحديث ومتطور لكي تتم الاستفادة منها في تحقيق أهدافه وغاياته، فهؤلاء جلّ اهتمامهم التعبير عما يدور في نفوسهم وعقولهم من الأفكار والأطروحات والآراء ووجهات النظر الفكري، من خلال أي قناة تساعدهم على ذلك، وقد وجدوا مبتغاهم بالقناة التي تسمح لهم بالممارسة والتفاعل في أجواء غير مشرعة، ولا يتبعهم قانون أو مراقبة، أي يريدون التحرك دون قيود، ودون حدود، ودون حواجز.
وفي الوقت نفسه، هناك من يحاول تطبيق القانون والمراقبة والمتابعة والتطبيق في أي مكان يستطيع فيـــه كبح الحرية غير المنضبطة فـي طـــرح الرأي المخالف لوجهة نظر وسياسة أي دولة.
لذا، لم أجد أفضل تعبيرا عن حالة هؤلاء الذين يطمحون ويبحثون عن مكان ليمارسوا حريتهم الفكرية وينطلقوا وفق أطرهم التي رسموها لهم، إلا تلك القصيدة التي أبدعها الشاعر أحمد الحسامي عام 1996، حول المكان الوحيد الذي يستطيع كل إنسان إطلاق حريته فيه، وهو داخل شبكة المعلومات العالمية «internet»، و«الإنترنت»، تلك الشبكة التي تساعد على توصيل المعلومات والأفكار والآراء والاتجاهات والأيديولوجيات التي يمكن للآخرين الحصول على ما لديهم بغض النظر عن المسافات التي تفصل بينهم.
عنوان تلك القصيدة هو «وطن الإنترنت» فيقول الشاعر في مطلعها:
نلتقي في كل صبح ومساء
نأتي إلى وطن جديد
نبنيه بالدمع وبالفرح سواء
نرعاه كما ترعى الأم طفلها
نأتي إليه مع قهوتنا.. مع بسماتنا
مع آمالنا وآلامنا، وندردش معه.. ونوشوشه ويوشوشنا..
وتتعانق الروح العربية في أسمى أشكاله..
على صفحات الإنترنت.
كل طيور بلادي التي هجرها السلطان
تشترك في ورشة البناء
كل عقول بلادي التي أزعجت السلطان
تساهم في تعميق الوطن
كل ورود بلادي التي اقتلعها جند السلطان
صارت ريحانا تعبق بعبيره صفحات «الاخوة العربية»
وطن الأحلام نشيده
كما نعشقه أن يكون..
دون عسكر السلطان
ودون سجون..
ندخل إليه في كل يوم دون تأشيرة
ولا نقف في طوابير الذل للدخول على منازلنا ولا نحتاج الى فرمان السلطان
حتي نمارس فعل الحريّة
نكهة الكلام:
يقول المثل الجورجي: «الشجرة تحيا بواسطة جذورها، والإنسان بواسطة المجتمع».