د.بدر نادر الخضري
وصلتني عبر البريد الالكتروني قصة رائعة من الواقع الذي نتفاعل معه يوميا من خلال الاحداث والقضايا والتطورات المتعددة الجوانب في حياة كل انسان بشري.
اسم جديد ظهر في العالم الاسلامي، البداية في مكان ما في فرنسا قبل ما يقارب الخمسين عاما كان هناك شيخ ـ بمعنى كبير السن ـ تركي عمره خمسون عاما اسمه ابراهيم ويعمل في محل لبيع الاغذية.. هذا المحل يقع في عمارة تسكن احدى شققها عائلة يهودية، ولهذه العائلة اليهودية ابن اسمه «جاد»، له من العمر سبعة أعوام.
اعتاد الطفل جاد أن يأتي لمحل العم ابراهيم يوميا لشراء احتياجات المنزل، وكان في كل مرة وعند خروجه يستغفل العم ابراهيم ويسرق قطعة شوكولاته، في يوم ما، نسي جاد أن يسرق قطعة شوكولاته عند خروجه، فنادى عليه العم ابراهيم واخبره انه نسي ان يأخذ قطعة الشوكولاته التي يأخذها يوميا، أصيب جاد بالرعب لأنه كان يظن ان العم ابراهيم لا يعلم عن سرقته شيئا وأخذ يناشد العم بأن يسامحه وأخذ يعده بألا يسرق قطعة شوكولاته مرة اخرى.
فقال له العم ابراهيم: لا، تعدني بألا تسرق أي شيء في حياتك، وكل يوم وعند خروجك خذ قطعة الشوكولاته فهي لك، فوافق جاد بفرح، مرت السنوات وأصبح العم ابراهيم بمنزلة الاب والصديق والام لجاد، ذلك الولد اليهودي.
كان جاد اذا تضايق من امر أو واجه مشكلة يأتي للعم ابراهيم ويعرض له المشكلة، وعندما ينتهي يُخرج العم ابراهيم كتابا من درج في المحل ويعطيه لجاد ويطلب منه أن يفتح صفحة عشوائية من هذا الكتاب وبعد ان يفتح جاد الصفحة يقوم العم ابراهيم بقراءة الصفحتين اللتين تظهران وبعد ذلك يغلق الكتاب ويحل المشكلة ويخرج جاد وقد انزاح همه وهدأ باله وحلت مشكلته.
مرت السنوات وهذا هو حال جاد مع العم ابراهيم، التركي المسلم كبير السن غير المتعلم، وبعد سبعة عشر عاما أصبح جاد شابا في الرابعة والعشرين من عمره وأصبح العم ابراهيم في السابعة والستين من عمره.. توفي العم ابراهيم وقبل وفاته ترك صندوقا لأبنائه ووضع بداخله الكتاب الذي كان جاد يراه كلما زاره في المحل ووصى أبناءه بأن يعطوه لجاد بعد وفاته كهدية منه لجاد، الشاب اليهودي، علم جاد بوفاة العم ابراهيم عندما قام ابناء العم ابراهيم بإيصال الصندوق له وحزن حزنا شديدا وهام على وجهه، حيث كان العم ابراهيم هو الانيس له والمجير له من لهيب المشاكل.
ومرت الايام..
في يوم ما حصلت مشكلة لجاد فتذكر العم ابراهيم ومعه تذكر الصندوق الذي تركه له، فعاد للصندوق وفتحه واذا به يجد الكتاب الذي كان يفتحه في كل مرة يزور العم في محله، فتح جاد صفحة في الكتاب ولكن الكتاب مكتوب باللغة العربية وهو لا يعرفها، فذهب لزميل تونسي له وطلب منه أن يقرأ صفحتين من هذا الكتاب، فقرأهما، وبعد ان شرح جاد مشكلته لزميله التونسي وجد هذا التونسي الحل لجاد، أذهل جاد وسأله: ما هذا الكتاب؟
فقال له التونسي: هذا هو القرآن الكريم، كتاب المسلمين، فرد جاد وكيف أصبح مسلما؟
فقال التونسي: ان تنطق الشهادتين وتتبع الشريعة.
فقال جاد: أشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله.
أسلم جاد واختار له اسما هو «جاد الله القرآني» وقد اختاره تعظيما لهذا الكتاب المبهر، وقرر ان يسخر ما بقي له في هذه الحياة في خدمة هذا الكتاب الكريم.
تعلم جاد الله القرآن وفهمه وبدأ يدعو الى الله في أوروبا حتى أسلم على يده خلق كثير وصلوا لستة آلاف يهودي ونصراني، في يوم ما وبينما هو يقلب في أوراقه القديمة فتح القرآن الذي أهداه له العم ابراهيم، واذ هو يجد بداخله في البداية خريطة العالم وعلى قارة افريقيا توقيع العم ابراهيم وفي الاسفل قد كتبت الآية: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) فتنبه جاد الله وأيقن ان هذه وصية من العم ابراهيم له وقرر تنفيذها، ترك أوروبا وذهب يدعو الله في كينيا وجنوب السودان وأوغندا والدول المجاورة لها، وأسلم على يده من قبائل الزولو وحدها اكثر من ستة ملايين انسان.
جاد الله القرآني، هذا المسلم الحق، الداعية الملهم، قضى في الاسلام 30 سنة سخرها جميعها في الدعوة الى الله في مجاهل افريقيا وأسلم على يده الملايين من البشر، توفي جاد الله القرآني في عام 2003 بسبب الامراض التي أصابته في افريقيا في سبيل الدعوة لله، كان وقتها يبلغ من العمر أربعة وخمسين عاما قضاها في رحاب الدعوة.
الحكاية لم تنته بعد.
أم الولد جاد، اليهودية المتعصبة والمعلمة الجامعية والتربوية، أسلمت عام 2005 بعد سنتين من وفاة ابنها الداعية، أسلمت وعمرها سبعون عاما، وتقول انها أمضت الثلاثين سنة التي كان فيها ابنها مسلما تحارب من أجل اعادته للديانة اليهودية، وانها بخبرتها وتعليمها وقدرتها على الاقناع لم تستطع ان تقنع ابنها بالعودة بينما استطاع العم ابراهيم، ذلك المسلم غير المتعلم كبير السن ان يعلق قلب ابنها بالاسلام، وان هذا لهو الدين الصحيح، اسأل الله أن يحفظها ويثبتها على الخير.
ولكن، لماذا أسلم؟
يقول جاد الله القرآني إن العم ابراهيم ولمدة سبعة عشر عاما لم يقل «يا كافر» أو «يا يهودي»، ولم يقل له حتى «اسلم»، تخيل خلال سبعة عشر عاما لم يحدثه عن الدين أبدا ولا عن الاسلام ولا عن اليهودية، شيخ كبير غير متعلم عرف كيف يجعل قلب هذا الطفل يتعلق بالقرآن.
سأله الشيخ عندما التقاه في احد اللقاءات عن شعوره وقد أسلم على يده ملايين البشر فرد بأنه لا يشعر بفضل أو فخر لأنه بحسب قوله، رحمه الل،ه يرد جزءا من جميل العم ابراهيم.
يقول د.صفوت حجازي انه وخلال مؤتمر في لندن يبحث في موضوع دارفور وكيفية دعم المسلمين المحتاجين هناك من خطر التنصير والحرب، قابل احد شيوخ قبيلة الزولو والذي يسكن في منطقة دارفور وخلال الحديث سأله د.حجازي: هل تعرف د.جادالله القرآني؟
وعندها وقف شيخ القبيلة وسأل د.حجازي: وهل تعرفه أنت؟
فأجاب د.حجازي: نعم وقابلته في سويسرا عندما كان يعالج هناك.
فهم شيخ القبيلة على يد د.حجازي يقبلها بحرارة، فقال له د.حجازي: ماذا تفعل؟ لم أعمل شيئا يستحق هذا.
فرد شيخ القبيلة: أنا لا أقبل يدك، بل أقبل يدا صافحت د.جادالله القرآني.
فسأله د.حجازي: هل أسلمت على يد د.جادالله؟
فرد شيخ القبيلة: لا، بل أسلمت على يد رجل أسلم على يد د.جادالله القرآني رحمه الله.
سبحان الله، كم يا ترى سيسلم على يد من أسلموا على يد جادالله القرآني؟ والاجر له ومن تسبب بعد الله في اسلامه، العم ابراهيم المتوفي منذ اكثر من 30 سنة.
رحم الله العم ابراهيم وجاد الله القرآني.
نعم، سمعت عن القصة قبل لكن ما كنت أدري أنهم بيسوونها فيلم.. بصراحة وروعة من بطولة عمر الشريف.
فاكهة الكلام
طبعا السينما الفرنسية.. اخرجوا فلم عن العم ابراهيم وجادالله القرآني.
فيلم جميل جدا، وحائز على جوائز كثيرة، وبدون أي حذف أو اضافة في القصة.
والفيلم متوافر الآن على دي ڤي دي في الاسواق الاوروبية، ومتوافر في أسواق بعض الدول العربية موقع خاص بالفيلم على الانترنت هو:
http://www.sonyclas sics.com/ibrahim.