د.بدر نادر الخضري
كتبت الزميلة الفاضلة لميس ضيف بعمودها المميز «على الوتر» في جريدة الوقت البحرينية مقالة بعنوان «تحيا جهود تحرير الأجانب.. واستعباد المواطن..»، وقد استمتعت بقراءة هذه المقالة لما تحتويه من طرح واقعي لما يحدث في البحرين وهو فعلا مشابه لما يحدث في الكويت، فالأحداث والرؤى متقاربة جدا وهو ما كان يدور بذهني، وقد علمت ان هناك توجها لدى حكومتنا الموقرة لإلغاء نظام الكفيل، نعم توجه لا بأس به ولكن لابد ان يتم وفق آلية محددة ومنظمة تحفظ حقوق جميع الأطراف الحكومية والمواطن والمكفول. ومن هنا نستأذن من الزميلة في الرغبة بنشر المقالة في عمودنا هذا:
تقول الأخت لميس في بداية المقالة:
«بقرار فردي، فرض انتقال العامل الأجنبي ـ دونما ضوابط حقيقية ـ حيّز التنفيذ مطلع اغسطس، ضاربا عرض الحائط باعتراضات اصحاب العمل، ورأي وتوصيات ممثليهم في غرفة صناعة وتجارة البحرين، ورأي مجلس النواب الذي صوّت بالأغلبية في جلسته في مايو الماضي على اقتراح بقانون يطلب تنظيم العملية بحيث لا ينتقل الأجنبي الا بعد مرور عام على الأقل في عمله، مع تعويض اصحاب العمل عن خسائرهم نسبة وتناسبا، انما.. ما قيمة رأي هؤلاء في النهاية امام رأي المسؤولين الذين يعرفون مصالح الشعب اكثر منهم، وتساوي رؤاهم الفردية المتبصرة المتطورة رأي قوافل من الرعايا البسطاء الذين لا يفقهون نقيرا!
ثلاث سنوات والمتضررون يحاولون اقناع المعنيين بأن هذا القرار سيضربهم في مقتل، وسيمكن الأجانب في البلاد أكثر وأكثر، ولن يرفع تنافسية البحريني كما تأمل الوزارة، وثلاث سنوات ونحن نسمع الاسطوانة ذاتها «ان نظام الكفيل غير حضاري، وان انتقال العامل سيجمل وجه البحرين دوليا» رغم ان القرار لن يمس نظام الكفيل لأن العامل ـ فعليا ـ سيقفز من كفيل الى آخر وسيبقى ـ دوما ـ تحت كفيل ما، وان كان المعنيون يعتقدون صدقا ان نظام الكفيل نظام عبودية كما يروجون فليأخذوا أنظمة العمل المتقدم كاملة، بحيث يدخل الأجنبي برخصة عمل للبلاد «على نفقته الخاصة» ويتدرب على نفقته ويتحمل أشهر تعطله وحده وعليه ان يختار ـ دونما وصاية ـ جهة عمله دونما قيد أو شـــرط، اما ان يــــأتي هـــؤلاء على نفقـــة مواطنين ويتدربــــون على نفقتهم ويبحثــــون عـــن فرص أفضـــل «وهم تحت مظلة كفيلهــــم الوارفــــة حتى اذا اشتد عودهم جاءوا ليبتزوهم أو ليورطوهم أو ليذهبوا لمنافسيهــــم فهي عبوديــة نعم، انما للمواطن، الذي اتخذته القوانين الفوقية عبدا تتلاعب به وبمصالحه كيفما تشاء وتفرض عليه ما لا يريد وتجبره على القبول بما يفرض عليه من رسوم وقرارات ونظم ولا خيار لديه الا صفع رأسه بالحائط أو الشرب من ماء البحر شريطة طبعا ألا يكون الساحل خاصا.
اما بخصوص تجميل وجه البحرين فمرددو هذه العبارة يعلمون ان ما جعد وجه البلاد وهز سمعتها الحقوقية ليس نظام الكفيل المعمول به بطول الوطن العربي وعرضه، بل البطالة، وتزايد العمالة الأجنبية، والفقر وتدني الدخل، والتمييز في التوظيف وحجب بعض الوظائف عن بعض الفئات وتجارة «المقلد» ولكننا تعودنا في هذه البلاد بالطبع ان نسمع ـ فقط ـ ما نريد سماعه من التقارير الأولية ونستأنس ـ فقط ـ بما يناسبنا من الاطروحات.
وزير العمل وعد دوما بحل توافقي حول المسألة ولم يترجم الوعد الى واقع.
وصوريا أديرت حوارات تشبثت فيها الجهات التابعة له «تنظيم سوق العمل ووزارة العمل» برأيها الى حد التصلب ورفضت كل المقترحات والتوصيــــات التي سيقــــت للتخفيف من مضار القرار وتبعاتـــــه، موهمــــة نفسها بأنها بذلك ستحــــد من العمالة الأجنبية لمصلحة العمالة الوطنية وهو ذاتــــه ما قيـــل عند فرض الرســـوم على الأجانب، ولكـــن أرقام العام الماضي دحضت كل تلك الادعاءات، فرواتب الأجانب ارتفعت وذهبت 95% من الرواتـــب العاليــــة لهم، والعمالة الوطنية وصلت لأدنى مستوياتها 23.9% من مجموع العمالة، وازداد عدد الأجانب بمقدار 71 ألفا في عام واحد، وان لم يقنع ذلك المعنيين بضلال سياساتهم فلن يقنعهم شيء، علما بأننا حذرنا سلفا من عقم إجراءات «زيادة جاذبية العمالة الوطنية برفع كلفة الأجنبية»، ولم يسمعنا أحد، وها نحن نحذر مجددا: سترتفع رواتب الأجانــب أكثر وأكثـــر، ستزدهـــر ظاهرة تأجيـــر السجــــلات بشكل غير مسبوق، سيتضاعف التوظيف الوهمي وسيدفع المزيد من صغار التجار لشفير الافلاس وسيضطرهم ذلك ـ نعم ـ لتأجير سجلاتهم في الباطن ليتمكن الأجانب من هذه الأرض أكثر فأكثر».
ونحن من جانبنا نكرر ما سطرته الزميلة لميس بأننا نقول: وتحيا جهود تحرير الأجانب.. واستعباد المواطن..!
فاكهة الكلام: يقول المثل الكويتي: «اللي بالقلب يجرح لا طلعه بره يفضح».