اجتمع رؤساء تحرير الصحف المحلية في جمعية الصحافيين للنظر في التعديلات الحكومية المتعلقة بقانون المرئي والمسموع، والمزمع ان تقدمها الحكومة خلال الايام القادمة لمجلس الامة.
وحسب ما نشر في الصحف ونقل من خلال ذلك اللقاء الذي جمع وزير الاعلام مع رؤساء التحرير، ترتكز التعديلات على تشديد العقوبات على منظومة الحريات والتضييق على حرية التعبير، والرأي الناقد والبناء والموضوعي.
وقد تبلور الاجتماع بنتيجة محددة هي قيام الصحف بمقاطعة نواب الأمة الذين سيؤيدون التعديلات الحكومية وذلك بعدم نشر تصريحاتهم وأخبارهم الصحافية.
لكن في الوقت الذي يطالب فيه الزملاء رؤساء التحرير بحرية التعبير والرأي ومحاربة الفكر الأحادي نجدهم يناقضون أنفسهم في هذا التوجه الصحيح بأن يكونوا اول من يطبقوا مشروع تضييق الحريات من خلال أسلوب المقاطعة للنواب الموافقين على التعديلات.
وحقيقة أختلف مع الزملاء رؤساء التحرير في هذا الموقف المتعلق بالقطع، حيث ان هذه المقاطعة موجهة أساسا الى قراء الصحف والناخبين خصوصا الذين اختاروا ممثليهم عبر صناديق الانتخاب بحرية وقناعة ليمثلهم هؤلاء النواب.
فليس من حق الصحف حجر الرأي المخالف لهم او تضييق حرية الرأي والتعبير، لانها مسألة خلافية بين البشر، فكل له الحق في توصيل ما يراه مناسبا دون ضرر على الآخر وفق القانون. كما ان منع نشر التصريحات الصحافية للنواب المؤيدين للتعديلات هو منع القراء والناخبين عن معرفة الجوانب الايجابية او السلبية لمن يمثلهم داخل مجلس الأمة، فكيف يستطيع الناخب تقييم ومتابعة نائبه الذي اختاره، حيث يصل الى مبتغاه فيما يقول بآرائه ويقوم بأفعال وتحركات حول القضايا المطروحة ومن ثم مناقشته فيها.
ولنكن واقعيين ان هذه المقاطعة لن تستمر بالتضامن المتفق عليه لصعوبة تطبيقها، فمن المتوقع ان تصبح التصريحات الصحافية النيابية تجارية بالنسبة للنواب الذين ستتم مقاطعتهم، وذلك من خلال مبادرة بعض النواب بدفع مبالغ مالية لبعض الصحف لنشر تصريحاتهم وأخبارهم، خاصة ان بعض الصحف تأسست بناء على أهداف استثمارية وتجارية ومن ثم ترويج فكرها وفق القانون.
وارى ان حالة مقاطعة هؤلاء النواب من قبل رؤساء التحرير جاءت نتيجة ردة فعل على امر لم يتوافق مع أفكارهم وآرائهم وتوجهاتهم.
نعم نختلف بكل ما تحمله كلمة اختلاف معاكس لكل من يسعى الى تضييق الحريات وتحجيم الدور الإعلامي للحريات.
ولم أجد أفضل من يحمي ويرد على كل من يحاول ان يتلاعب بالكلمات ويواصل فكره في محاربة الحريات المقننة هو ما سطره أبو الدستور الكويتي المغفور له الشيخ عبدالله السالم (رحمه الله) حينما قال في تقديمه الدستور: «رغبة في استكمال أسباب الحكم الديموقراطي لوطننا العزيز وإيمانا بدور هذا الوطن في ركب القومية العربية وخدمة السلام العالمي والحضارة الإنسانية، وسعيا نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية، ويضيء على المواطنين مزيدا من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية ويرسي دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد وحرص على صالح المجموع او شورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره.
فاكهة الكلام: قيل لبعض الحكماء: ما السرور؟ قال: الكفاية في الأوطان والجلوس مع الإخوان.
[email protected]