حياتنا مليئة بالمواقف اليومية والتي نضطر من خلالها للتعامل مع جميع أصناف البشر الثلاثة، وأقصد بذلك فئة الأسوياء والذين يعيشون الحياة بطبيعتها وواقعيتها، والفئة الثانية هم الأذكياء المتغابون، وهم من يطلق عليهم ببعض الأحيان المتغاضون وهؤلاء يجيدون أمرا قد يكون طيبا ومطلوبا في بعض الحالات التي تستوجب جلب منفعة أو درء ضر، بل إن الشاعر أبوتمام وصفهم بالقول: «ليس الغبي بسيد في قومه.. لكن سيد قومه المتغابي» وأخيرا يأتي دور الفئة الثالثة (الدعله) وهم الأغبياء المتذاكون الذين هم: «أكثر من الهم على القلب» وهم سبب فيما تعانيه أغلب المتجمعات من تأخر وتخلف.
ويحضرني في هذا المقام قصة رواها لي أحد الأشخاص، يقول إنه دخل يوما على محل للحلاقة وحال جلوسه على الكرسي وكعادة الحلاقين في محاولة لتلطيف الأمور (واللي أنا أشوفها لقافه) همس في أذني قائلا أترى هذا الطفل الواقف هناك؟ انه الأغبى على الإطلاق وسوف أثبت لك ذلك.
ثم أخرج الحلاق (ربع دينار) ووضعه بيده ووضع (دينارا) بيده الأخرى وطلب من الطفل أن يختار بينهما. فاختار الطفل (الربع دينار) ثم ولى مسرعا إلى الخارج وسط ضحكات الحلاق الذي كان مزهوا بصدق ما قال.
وعندما انتهيت من الحلاقة انصرفت متوجها إلى منزلي فإذا بي أرى الطفل متلذذا بأكل حلوى اشتراها بما أخذه من الحلاق قلت له يا بني أو لم يكن من الأجدر ان تأخذ الدينار فهو سيأتي لك بمزيد من الحلوى!! فأجابني قائلا: يا عم أنا إن أخذت الدينار سوف تنتهي اللعبة ولن أحصل على المال بالمرة القادمة من ذلك الحلاق المتذاكي.
أقول في نفسي لو انني أسقطت هذه القصة على مجلسنا الموقر لرأيت العجب العجاب من بعض النواب الذين هم على شاكلة (الحلاق بو ربع) ودائما يعتقدون انهم الأذكى وان اقتراحاتهم (الدايخه) بالقوانين التي يتقدمون بها والذين هم أنفسهم غير مقتنعين بها ومتأكدون انها سوف ترفض لعدم منطقيتها، او المشاهد المسرحية التي يتقنونها أمام شاشات البث التلفزيوني لوقائع الجلسات أو التصريحات العنترية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتهديدات الجوفاء بالاستجوابات العقيمة سوف تنطلي على عامة الناس وان الأمور لن تتعدى معاملة هنا أو واسطة هناك وسوف يعاد انتخابهم مرة أخرى.
ولكني أقول للمتذاكين من النواب ان (الزمن تغير وان المرة هذي غير كل مرة) والانتخابات القادمة سوف تكشف خبايا لا تكاد تصدق وان انتخابات المجلس البلدي القادمة ماهي إلا صورة مصغرة عما سوف يأتي بقادم الأيام.
أدام الله من تغاضى من أجل الكويت، ولا أدام حلاقنا بو ربع.