عندما كنا صغارا كانت هناك طرفة متداولة عن مدرس يكره أحد التلاميذ حيث سأله عن عدد شهداء الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي آنذاك، وعندما أجابه التلميذ بأن عددهم مليون شهيد سأله الأستاذ عن اسم كل فرد منهم!
لا أدري لماذا جالت هذه الطرفة بخاطري وأنا أتابع سؤالا لعضو مجلس الأمة كان في السابق أستاذا بجامعة الكويت لوزير التربية والتعليم العالي طالبا منه تزويده بنسخة عن التقرير النهائي الخاص بالشهادات الأكاديمية بمختلف مراحلها في كل من جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي وبكشف آخر يحوي أسماء أعضاء هيئة التدريس في كل من جامعة الكويت ومعاهد وكليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي الحاليين مع بيان تاريخ حصولهم على شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه والجامعات التي حصلوا منها على هذه المؤهلات وتاريخ تعيينهم ونسخة عن ملخص رسالة الدكتوراه والماجستير لكل منهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو إجراء النائب لو رفض المئات من أعضاء هيئة التدريس إعطاء الأوراق، هل ستطلب إحالتهم الى التحقيق؟
وأود أن أؤكد على حق النائب الفاضل في توجيه الأسئلة البرلمانية، وهو الأمر الذي أقره الدستور في المادة (99)، وأزعم أن النائب الفاضل يدرك ما انتهت إليه المحكمة الدستورية في تفسير نص المادة آنفة الذكر الذي يتلخص في حق عضو مجلس الأمة في توجيه السؤال وفق أحكام المادة نفسها، وهو ليس حقا مطلقا وإنما يحده حين ممارسته حق الفرد الدستوري في كفالة حريته الشخصية بما يقتضيه من الحفاظ على عدم انتهاك أسراره.
هذا من جانب، ومن جانب آخر أعتقد أن النائب الفاضل لن يرضى وقت أن كان عضو هيئة تدريس بأن يقوم نائب آخر بتوجيه نفس السؤال الذي يوجهه الآن إلى وزير التربية وهو الأمر الذي ينكره في رده على أحد أعضاء هيئة التدريس ويستهجن التصريح من أحد أعضائها والصادر عنه.
وأنا أقول إن كان لدى النائب الفاضل أدلة وبراهين على سوء استغلال وانتهاك شاب عمل إدارة اللجان الفنية بالجامعة أو التطبيقي ولديه ما يثبت فساداً أكاديمياً هنا أو هناك، فليتفضل مشكورا بعرضها على وزير التربية، وأنا على يقين تام بأن الوزير لن يقف مكتوف اليدين ولن يدخر وسعا لإصلاح خلل في وزارته كما رأينا من قبل ولن يحابي كائنا من كان، ولأن الأمر يتعلق بإرساء قواعد جديدة تجعل المسيرة التعليمية تعود إلى جادة الصواب مرة أخرى وسنحاول بما أوتينا من قوة مساندته، ولكن أن يقوم أحد بخلط الأوراق وإرباك العمل الأكاديمي والطعن ووصف بعضهم بعبارات كـ «قرصنة» وبالتحصيل العلمي لأعضاء هيئة التدريس وذلك لخصومة شخصية أو تحت مبررات أخرى لا نعلمها فإن هذا الأمر لا يمكن تقبله أو السكوت عنه، وأجدر من يجيب عنه هو النائب الفاضل بعينه.
وهنا أتذكر الفنان الراحل علي المفيدي، رحمه الله، عندما قام بأداء دور نائب برلماني في مسرحية «حامي الديار» عندما رفض وزير التربية بالمسرحية واسطته، فما كان منه إلا أن وجه سؤالا برلمانيا لوزير التربية يطلب فيه تزويده بعدد المدارس بمختلف مراحلها وعدد الصفوف فيها وعدد تلاميذها وتلميذاتها ومدرسيها ومدرساتها وفراشيها وفراشاتها وكمية الطباشير التي صرفت بكل مدرسة منذ عام 1961!
أدام الله من سأل ليصلح.. ولا أدام من سأل ليعرقل.