غيّب الموت بأمر القادر الحكيم أحد فرسان الكويت الكبار فارس الإرادة وفارس الكرم والحس المرهف بالكويت وأهل الكويت وفارس الإنجاز والإبداع وفارس الخير وفارس النسل الطيب، العم الكريم العزيز خالد يوسف المرزوق، رحمه الله، بعد رحلة عطاء وإنجاز زاخرة بالرموز الكبيرة الظاهرة للعيان، فالعم العزيز، رحمه الله وأرضاه وأكرمه، كان يحمل كل عناوين الفروسية وفي كل مضمار خاض فيه.
فذاك الفارس دخل مجال التجارة بتركة تنوء بالمديونية وهو لم يبلغ الخامسة عشرة من العمر، ولكن كان رأسماله الحقيقي عزيمة حديدية وذكاء حاذقا ومصداقية لا حدود لها وإرادة جبارة جعلته يحول مديونية التركة إلى أرباح وافرة، وأتاح له ذلك أن يصنع ثروة فكان حقيقة أحد فرسان الإرادة بالفعل، وكان رحمه الله كريما لكل من قصده بل ولمن لم يقصده، فأتذكر ويتذكر معي الكويتيون ابان فترة الاحتلال الغاشم عندما أصدر «الأنباء» من القاهرة، فكانت لسان حال الكويت والكويتيين خلال تلك الفترة العصيبة من عمر الوطن الذي احتل بالكامل، فقد عز المال على كل من لديه مال في تلك المرحلة التي كانت في كل جوانبها خسارة، إلا أن العم الكريم، رحمه الله، صرف على «الأنباء» من حر ماله لخدمة قضية الوطن والكويتيين وصارت دليل الكويتيين بالشتات ودليل من خرج مؤخرا من الكويت ليلتحق بأهله، بل إنه رحمه الله كان يوزع المواد العينية على الكويتيين في كل مناسبة كالبطانيات ومتطلبات رمضان، فكان بحق وحقيقة فارس الكرم وفارس الوطنية الحقة.
وكان، رحمه الله، مبدعا حيث حقق إنجازات حقيقية فأينما ذهبت في هذا الوطن ستجد له بصمة، فإن ذهبت لمنطقة الصباح الطبية ستجد مركز الطب الإسلامي ومسجده التحفة، وإن رجعت بالذاكرة تصدح أمامك لؤلؤة المرزوق التي كانت ولاتزال عنوانا للمنطقة التي هي فيها، وإن ذهبت إلى الخيران ستجد لؤلؤة الخيران، وإن ذهبت إلى الرقعي فإنك سترى مشروع اللآلئ، وإن عدت للسالمية فسترى سوق السالمية، وإن دخلت شارع الصحافة فستجد الشمعة المشعة «الأنباء»، وغيرها الكثير مما لا يتسع المقام لذكره، ولكنها مشاريع كبرى ساهمت في تنمية هذا الوطن وبنائه وعلى أكثر من صعيد، ومما لا أستطيع أن أتجاوزه تلك الذرية الكريمة التي أنجبها ورباها على الخلق الكريم والأدب الجم، فالاخوان الكرام وليد، رحمه الله، وفواز وأستاذتي بيبي قد تشرفت بمعرفتهم شخصيا وتعاملت معهم، وقد كنت أستغرب كيف يكون هناك أناس بهذا الخلق والأدب والتواضع والقدرة على العطاء، وكنت عندما أتحدث لأحد عن خلقهم أفاجأ بأن جميع ذرية هذا الرجل على ذات المسطرة، فقد عرفت عن الأخ يوسف والأخ مرزوق والأخت العنود والأخت نوف من خلال معارفهم أنهم أيضا بالفعل ذهب، فهم لم أتشرف بالتعرف عليهم شخصيا، ولكن ما سمعته من الذين تعرفوا عليهم بأنهم أنفس من الذهب والجوهر بالخلق الكريم والأدب حفظهم الله جميعا وشد من لحمتهم وجمعهم القادر العزيز على الخير والمحبة والرضا.
وفي هذا المقام الحزين المملوء بالأســـى أتضـــرع للعزيز القدير بأن يقبل فقيدنا العم العزيز خالد يوسف المرزوق بواسع رحمته وغفرانه وأن يسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والشهداء والصديقين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.. ولا يفوتني أن أتقدم للكويت والكويتيين وأزواج وأبناء وبنات الفقيد بخالص وصادق العزاء في هذا المصاب الجلل، سائلا المولى جلت قدرته بأن يمدهم ويمدنا بالصبر والسلوان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[email protected]