بالفعل لا بأس ولا ضرر من الاستجواب مهما كان موضوعه ووقت تقديمه وشخص الوزير المستجوب حتى ولو كان سمو رئيس مجلس الوزراء، فلا يجوز أن يكون الاستجواب معطلا لمسيرة السلطتين التنفيذية والتشريعية كما أن الاستجواب لا يصلح لأن يكون عذرا لتوقف الإنجاز، وهذا ما يردده كثير من النواب والسياسيين والمتابعين، وهذا ما أقره وأعتقده وأجزم به أنا شخصيا.
بيد أنني ومن خلال متابعتي اتضح لي غير ذلك وخصوصا بعض الممارسات الأخيرة، فعلى سبيل المثال الاستجواب الأخير لسمو رئيس مجلس الوزراء فقد اتخذ قرار تقديمه منذ سقطت حصانة النائب فيصل المسلم ولغايات جمع النواب خلفه تم تأجيله إلى أن أتت أحداث الصليبخات فأعلن عنه على رؤوس الأشهاد وقالوا إنه سيقدم يوم الأحد إلا أنهم أجلوا تقديمه ليوم الاثنين، لماذا؟ لكي لا يدخل على جدول جلسة الثلاثاء ويعرض على جدول جلسة 28/12 وهذا يأتي كتكتيك سياسي لا بأس منه، ولكن البأس كل البأس والضرر الشديد والخوف على الإنجاز والتقدم والتعاون، يأتي من خلال ممارسة الضغط وتوجيه الاتهامات في كل الاتجاهات بل وحتى التوجه للشارع وتوتير الأجواء بل وتسميمها من أجل اجبار غير المقتنعين بمادة الاستجواب ليحولوا مواقفهم.
ومن أجل تحقيق هذا وليأخذوا وقتهم أجلوا تقديمه (الاستجواب) يوما واحدا ليأخذوا فسحة أسبوعين وضغطوا فيها البلاد والعباد وبالفعل جعلوا البلد يقف على رجل واحدة ما جعل أنفس وعلاقات أعضاء السلطتين في أسوأ حال مما أدى بالضرورة إلى توقف التعاون وبالتبعية توقف الإنجاز وتوسيع مدة الاستجواب كان لرغبة مقدميه في اتخاذه كأولوية لها الأسبقية على كل ما سواها من مواضيع مهما كانت أهميتها.
أما القول بأن المجلس في اليوم التالي للاستجواب أنجز قانون مكتسبات المرأة وقانون اللحية فهو ضمن أمور منجزة بالفعل من اللجان ومدرجة على جدول أعمال المجلس، ولكن السؤال ما الذي أنجزته لجان المجلس وهي مطبخ ومصنع إنجازات المجلس خلال تلك الفترة منذ تقديم ذلك الاستجواب إلى أن تمت مناقشته أجزم بأنها صفر وهذا له ما يبرره من كون أعضاء المجلس من النواب قلوبهم مشحونة سواء كانوا مؤيدين أو معترضين كما أن العلاقة ستكون مشحونة أكثر تجاه أعضاء السلطة التنفيذية ما يؤدي إلى ضعف ان لم نقل موت روح التعاون، والتعاون بين أعضاء السلطتين أساس ضروري ولا مناص منه لتحقيق الإنجاز مهما صغر أو كبر.
من هنا وعلى هذا الأساس أقول ان الاستجواب يجب ألا يساء استخدامه فهو أداة دستورية متاحة لنواب الأمة لتسليط الضوء على خطأ معين مع لفت نظر الكافة إليه من أجل معالجته وليس الهدف الأساسي منه إسقاط حكومة أو عزل وزير وعليه أضرع للمولى جلت قدرة بأن يفتح بصر وبصيرة نوابنا لغاية المشرع الدستوري من أداة الاستجواب وألا يفرطوا في الخروج على هذه الغاية النبيلة الراقية التي تؤدي بالضرورة للإنجاز والتقدم.
[email protected]