لا شك أن ثورة الشعب التونسي على طاغيته باتت لها إشعاعات فكرية وثقافية وتأثيرات سياسية كبرى منها ما حدث بالفعل في مصر وما تم من تنازلات في اليمن والجزائر، وستكون لها مستقبلا إشعاعات وتأثيرات أكبر وأعمق بكثير تتطلب من قادة الدول العربية والإسلامية في كل مكان أن يأخذوها بعين الاعتبار والتفكر فيما أحدثته والتدبر لها، ويجب أن يقوموا بعمل التغييرات بأيديهم وفق برنامج زمني محدد، فما كان مقبولا قبل ثورة تونس أضحى اليوم وبعدها مستهجنا لدى الشعوب، وخصوصا تلك الشعوب التي تئن تحت وطأة الفقر والحاجة والعوز، فمثل هذه الأوضاع إن اتحدت مع الديكتاتورية والإقصاء والقمع فإننا نكون بالفعل أمام برميل بارود شعلته أوقدت ولكن موعد الانفجار فقط هو المجهول، وفي حال الانفجار سينتج عنه الكثير من الخسائر والأضرار التي ستصيب أول ما تصيب أنظمة الحكم ولن تسلم من أضرارها الشعوب والأوطان ومقدراتها، ومقتضى الحكمة أن تتم معالجة الأسباب وإحداث تغييرات فعلية وجوهرية بأيديكم قبل انفجار البرميل فتتعقد الأمور، والخير كل الخير أن تعطوا بأيديكم فهو أكرم لكم وسيذكر لكم في صحائف التاريخ وهو كذلك أفضل من أن يؤخذ منكم غصبا.
ومن دون أدنى شك فإن إشعاعات وتأثيرات ثورة تونس على الشعوب العربية ستكون إيجابية سواء في المستقبل المنظور أو المتوسط، فهي عنصر ضاغط على أنظمة الحكم القمعية أو الديكتاتورية وحافز مهم وخطير للشعوب المطحونة، ومن هنا أقول وبتفاؤل انه قد تتحقق التغييرات التي تتطلع إليها الشعوب أو على الأقل أكثرها، ولكن دون دماء أو هزات عنيفة تضر بالشعوب والأوطان ومقدراتها وهذا بالضبط ما أرجو العزيز، جل جلاله، أن يحدثه عندما يفتح بصر وبصائر هؤلاء القادة الذين يجب ان يدركوا اننا دخلنا الألفية الثالثة وهناك ثورة معلومات وبات ما يحدث في الصين يشاهده العالم على الفور ودون رقيب، فأدركوا الوقت فهو كالسيف ان لم تقطعوه بإصلاحات جوهرية وسريعة فإن الوقت سيقطعكم بكل تأكيد، ووقى الباري عز وجل العرب والمسلمين شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
[email protected]