مبروك شباب مصر، لقد حققتم ما عجزت عنه أجيال وأجيال من المصريين تعاقبت، وساورها حلم عودة مصر إلى صدر الديموقراطية الحاني لينعم شعبها بالحرية والمشاركة في صنع القرار بعد ان حرموا منهما منذ ثورة يوليو 1952، عندما انتزعت تلك الثورة العسكرية مصر من صدر الديموقراطية والحرية وأقحمتها عنوة في غياهب الدكتاتورية، فتحولت مصر وخلال العشرين سنة الأولى في عمر الثورة من منارة التقدم والازدهار وفي كافة المجالات بلا استثناء وعلى مستوى الشرق كله وليس الشرق الأوسط وحسب، فتحولت مصر إلى سباق سريع مع الزمن للتقهقر على كافة الأصعدة.
واليوم مصر على موعد مع لحظة فارقة بالفعل وغير متصورة حتى قبل أسبوعين، ولكن حدث وسقط النظام الذي أسقطته بالفعل خطوات الرئيس السابق محمد حسني مبارك نحو بعض الحرية، من مساحة واسعة لحرية التعبير على وجه الخصوص، المهم أن ما حدث حدث وسقط النظام ولا نملك إلا أن نقول مبروك لشباب مصر الواعي الذي أحدث هذا التغيير ونقول أيضا مبروك للأشقاء المصريين الذين تفاعلوا بإيجابية مع تحرك الشباب وساندوهم وتضامنوا معهم برقي وتحضر جم فتحقق الإنجاز العظيم.
ولكن لا أستطيع أن أتجاوز ما يساورني من مخاوف وقلق على مستقبل مصر المنظور وليس على مستقبل الثورة فهو محصن بوعي الشباب المصري ووعي الشعب الذي كسر حاجز الخوف، ولكن خوفي وقلقي على ما يحتاجه القطاع الأوسع من الشعب وخصوصا الخبز المدعوم وغيره من مواد تموينية أخرى، وأخشى أيضا على مستقبل اتفاقية السلام التي يتربص بها قادة إسرائيل الذين أرغموا عليها إرغاما، وأشد ما أخشاه أن نستمر بسماع البيانات العسكرية حتى نصل لدكتاتورية جديدة، لذلك أدعو شباب الثورة والشعب المصري العزيز للانتباه وإعمال وعيهم وألا يغتروا بالبيانات العسكرية المعسولة، فبيانات ثورة يوليو جاءت على وقع مهاجمة الديموقراطية المنقوصة وفساد الأحزاب، وأنهم يأتون لبذر بذور الديموقراطية الصحيحة المكتملة، فإذا هم يأتون بدكتاتورية غير مسبوقة ليس هذا وحسب بل انهم صدروها للكثير من الشعوب العربية التي ما زالت تئن تحت وطأتها.
لذلك فإنني أتمنى أن تكون فترة الحكم العسكري محددة بأجل مسمى لا يتعدى 6 أشهر فقط لا غير، وإلا فإننا سنكون أمام نفق مظلم جديد، وفي هذا المقام لا يفوتني أن أوجه التحية والشكر ورسالة وفاء من مواطن كويتي لم ولن ينسى مواقف شريفة كثيرة على المستوى القومي، ولن ينسى مواقف شريفة أخرى في حق وطني وأهلي بالكويت حين انكبت جنود طاغية العراق سنة 90 على وطننا، ومازالت صرخاتك المجلجلة التي هزت أركان الظلم وأعوانه وساهمت بفاعلية في استرداد حق الكويت والكويتيين، فشكرا وتحية إجلال وعرفان للرئيس محمد حسني مبارك، وهو الرئيس الذي جاهد لأن يضمن انتقالا آمنا لمصر إلى صدر الديموقراطية الحاني، ولكن الشعب رفض وفضل الانتقال بمعرفته، وقبل الختام أتوجه إلى جيش مصر العظيم فأقول إياكم وخذلان شعب مصر الذي قال وأكد ان الشعب والجيش يد واحدة.
على كل حال فإنني أضرع للعزيز القدير أن يكون الشعب المصري قد أصاب مصلحة مصر باختياره، وأن تكون الحرية والديموقراطية الصحيحة من نصيبه، وأن يكون قد وضع قدمه وأقدام مصر على طريق الحرية والتقدم والأمن والازدهار والمنعة، اللهم آمين.
[email protected]