بعد انتهاء مظاهرة ما سمي بجمعة الغضب مباشرة سرعان ما انتشرت أخبار الشكر والثناء والتقدير والعرفان من أقطاب وقادة المعارضة على وزير الداخلية الذي هو عضو في حكومة سمو الرئيس ناصر المحمد، بيد أنهم وأثناء التجمع الأول في مواقف البلدية والثاني على رصيف مجلس الأمة أشبعوا وأمطروا الحكومة ورئيسها وبعيدا عن أخلاق وشيم أهل الكويت وليس بالنقد بل بالسب وبقلة أدب عالية الرتم، فكيف يتم كيل المديح لعضو في حكومة تم سبها والإساءة لها قبل ساعة؟
وبعيدا عن هذا التناقض يبقى أن نعلق على ما حدث مما سمي بجمعة الغضب، فابتداء أشكر حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد التي سمحت بقانون المرئي والمسموع، ما أتاح لأهل الكويت متابعة الحدث بالصوت والصورة أولا بأول، فرأينا بعضا من الشباب الذي يمثل صورة سلبية عن شباب الكويت الذي نعرفه الذي يجل الكبير ويقبل رأسه من باب التوقير، فرأيت شبابا يسب ويشتم ويحقر كباره ولا حول ولا قوة إلا بالله، والمهم ليس لمسألة أو قضية تتعلق بقتل أو انتهاك شرف أو فقر أو ظلم وإنما بسبب استخدام الحكومة لأدوات أتاحها الدستور ووافق عليها اثنان من الداعين لهذه المظاهرة هما مسلم البراك ووليد الطبطبائي اللذان وافقا على إحالة استجواب النائب حسين القلاف لوزير العدل في أواخر التسعينيات للجنة التشريعية التي ذبحته، واليوم يحتجون ويدعون الناس إلى التظاهر لأن الحكومة استخدمت أدواتها الدستورية ففرغت الدستور من محتواه!
كما أنني أود أن أشكر رجال الداخلية على تفويت فرصة التصادم مع هذا الشباب الذي تحدث باسم الشعب الكويتي الذي يبلغ أكثر من المليون نسمة فتجمعوا ببضعة مئات يتحدثون ويأمرون بتغيير الدستور وتعديله بعيدا عن القنوات التي رسمها الدستور ومن خلال أوامرهم فقط وبعد ذلك هم يتهمون الحكومة بتفريغ الدستور، المهم أن الشكر نزجيه لرجال الداخلية على استيعابهم لاستفزاز هذا الشباب وسماحهم لهم بتفريغ شحنات غضبهم ولو كان على حساب القانون ومشاعر شركائهم بهذا الوطن وراحة الناس ومستخدمي الطرق. أما الداعون لما سموها بجمعة الرحيل، أي الجمعة القادمة، فإن كان هذا يسعدكم ويريحكم ويفرغ ما بقلوبكم فلا بأس، فمواقف البلدية متاحة والطريق لمجلس الأمة مفتوح أمامكم وسنتحملكم لأنكم إخواننا في هذا الوطن ونتمنى أن تتعقلوا وتحترمونا نحن إخوانكم وشركاءكم في هذا الوطن وألا تزعجونا في الشارع الذي نستخدمه بسب من نجله ونقدره والتجاوز على دستورنا، وستكون لنا وقفة مع النضال الذي يحسب البعض أنه يمارسه وعلى كل حال فان الله هو الهادي الحسيب الرقيب عز وجل.
[email protected]