باسل الجاسر
كل الكويتيين والعرب والمسلمين بل وكل إنسان لديه الحد الأدنى من المشاعر والأحاسيس الإنسانية، يتألم ويتعاطف مع الشعب الفلسطيني في غزة المحاصر بين المجرمين من كيان حماس والكيان الصهيوني، فكيان حماس يريد الجهاد ويريد الاستقلال بالحكم في قطاع غزة ليجعله القاعدة للحرب مع إسرائيل حتى تحرير كامل الأراضي الفلسطينية من جنوبها عند الحدود المصرية إلى شمالها عند الحدود السورية واللبنانية، ومن البحر المتوسط إلى الحدود الأردنية غربا، وربما يريدون أن يلقوا باليهود في البحر كما قال غيرهم قبل سنين، هكذا هم يريدون ويعلنون بالرغم من أنهم لا يملكون من الإمكانيات غير اللسان الطويل، ويتخذون من شعب غزة المرتهن لديهم خندقا أو ساترا بشريا عندما يقوم الكيان الصهيوني بالرد على هجماتهم المستمرة عبر صواريخ محدودة بل معدومة التأثير وتأثيرها ينحصر في الإزعاج لا أكثر، والتي يقول عنها زعيم حماس المقيم في دمشق «إنها لن تتوقف حتى تنهي إسرائيل احتلالها لكامل الأراضي الفلسطينية»، والكيان الصهيوني الذي يضخم من تأثير هذه الصواريخ ويقول إنها موجهة إلى المدنيين (وهذه حقيقة) إلا أنها وخلال الأشهر الماضية لم تودِ بحياة أي مدني سواء في سيدروت أو غيرها إلا أن الكيان الإسرائيلي يضخم مفعول هذه الصواريخ لاستخدامها أبشع الاستخدام كورقة يغطي بها تملصه من التزاماته التي أجبرته أميركا والمجتمع الدولي على الإقرار بها في أنابوليس وقد نجحوا في ذلك نجاحا منقطع النظير، حيث رأينا المجتمع الدولي يقول: ينتفهم مقتضيات أمن الشعب الإسرائيلي إلا أنهم يريدون توفير احتياجات شعب غزة الإنسانية.
هذا هو واقع حال المشكلة القائمة الآن بين كيان حماس والكيان الإسرائيليوالذي لا يدركه أحد من عامة الشعوب العربية، وكذلك هو الحال بالنسبة للشعب الكويتي، وهذا يأتي كنتيجة حتمية للحملات التضليلية التي يقوم بها أنصار حماس هنا في الكويت وهناك لدى الشعوب العربية، فحركة حماس هي فرع حركة الإخوان المسلمين العالمية في فلسطين وهذه الحركة منتشرة في جميع الدول العربية، وتملك من الأدوات الإعلامية ما يمكنها من تغيير الكثير من المفاهيم والحقائق، وبالإضافة لهذا فهي تملك من القدرات التخوينية ما يمكنها من لجم الكثيرين ممن يعرفون الحقائق إما بسبب اللامبالاة وإما خوفا من الدخول في معركة لا طائل منها، أو خشية من التخوين.
لذلك نرى الشعوب العربية تتعاطف وترسل الأموال لحماس ويصل بها الأمر أحيانا لشتم الحكومات والحكام العرب خصوصا المخلصين منهم للقضية الفلسطينية.
وقبل أيام وفي مجلس الأمة رأينا إحدى حفلات الزار لتضليل الشارع الكويتي، ففي تجمع شعبي أمام مجلس الأمة ولا أدري من الذي دعا إليه ولكني على ثقة مطلقة بأنه لم يكن عفويا بل إنني على ثقة بأن من دعا إليه هو جماعة شقيقة لـ «حماس» بالكويت، واشبع التجمع بالخطب العصماء التي أمطرت إسرائيل والمجتمع الدولي والحكومات العربية والإسلامية بالشتائم المبطنة، والمطالبات المعلنة عن كسر الحصار عن غزة الذي يبغون من خلفه كسر الحصار عن حماس التي باتت أداة وورقة بيد غير الفلسطينيين يلعبون بها لخدمة مصالحهم.
وخلص التجمع باقتراح قدم في مجلس الأمة وحصل على الموافقة بتقديم 10 ملايين دولار لدعم شعب غزة، إلا أن الذي لم نعرفه هو كيف ستسلم هذه الملايين لشعب غزة؟ الذي أخشى ما أخشاه أن تسلم لحركة حماس التي جرت شعب غزة المظلوم جرا إلى هذه المآسي والعذابات، وبمخالفة القرارات الدولية التي تحظر إعطاء حماس أموال الشعب الفلسطيني، والمؤسف فعلا هو أن هذا التجمع الخطابي خلا تماما من كلمة حق تدين التصرفات المجنونة لحركة حماس المجنونة التي تتصرف بخلاف مصلحة الشعب الفلسطيني، وتقدم للكيان الإسرائيلي الفرص للتملص من الالتزامات، بل وتعطيه الذرائع للتنكيل بالشعب الفلسطيني بشكل عام وشعب غزة بشكل خاص، وكذلك حرمانهم من تحصيل حقوقهم الشرعية والقانونية والإنسانية لدى الكيان الإسرائيلي.