باسل الجاسر
أستكمل اليوم ما تبقى من موضوع الأمس وهو الإجابة عن سؤال: أي الأحزاب نريد ككويتيين حريصين على وطننا وتماسك وحدة شعبنا الوطنية؟ وللإجابة عن هذا السؤال يجب أولا الاعتراف بتنوع أطياف المجتمع الكويتي، والتأكيد على أن هذا التنوع هو أمر إيجابي لا يعيب المجتمع وفي ضوء هذه الحقيقة يجب الإجابة عن عنوان هذا المقال، وللتقريب بين أطياف ومكونات المجتمع الكويتي فنحن بحاجة لتقليص عدد الأحزاب حتى لا يكون لكل طائفة أو قبيلة أو جماعة حزب يتمترس خلفه ويكون مرجعية للجماعة، فتصبح الأحزاب معول هدم للانتماء الوطني وممزقا للنسيج الاجتماعي، إذن نحن بحاجة لحزبين فقط لا غير مع فتح المجال واسعا للمستقلين، نظام الحزبين نظام سيحقق لهذا الوطن العزيز وأهله الكرام الكثير من المكاسب، أولها سهولة تحديد صاحب الأغلبية البرلمانية بمجرد إعلان نتائج الانتخابات وبالتالي سيعرف أي من الحزبين سيشكل الحكومة فتكون الحكومة قوية فعلا تتوافر لها عناصر الاستقرار والديمومة خلال فترة ولايتها القانونية لأنها تتشكل من حزب واحد بأهداف وبرنامج موحد وليست حكومة هشة يشكلها ائتلاف من مجموعة أحزاب مختلفة الأهداف والبرامج والتوجهات ما ينبئ بأن انهيارها أقرب من استمرارها مما سينعكس على استقرار التشكيل الحكومي وتشتت الجهود.
كما أن حكومة الحزب الواحد ستكون تحت رقابة شديدة وحاسمة، وهذه الرقابة سيتبناها الحزب الآخر الذي سيمثل المعارضة الحقيقية الفعالة التي ستسهم أيضا بفاعلية في بناء رأي عام واع ومستنير، يكون حكما ويأتي بالأفضل لميادين الخدمة العامة، هذا بالإضافة لكون انقاسم المجتمع الى حزبين سيكون أفضل مما لو قسم الى أربعة أحزاب كما أن قسمة الحزبين ستزيد من أسباب الانصهار والتقارب بين طوائف ومكونات المجتمع مما سيؤدي بالضرورة إلى تعظيم ما يجمع وتهميش وتسطيح ما يفرق، الأمر الذي سينعكس إيجابا على الوحدة الوطنية على المديين القريب والبعيد.
إننا في بلد ديموقراطي ويجب أن نرفض أي ممارسة دكتاتورية أو ممارسة أي شكل من أشكال الوصاية على جمهور الناخبين تصدر من أي كان، لذلك يجب أن يتضمن قانون الأحزاب حال صدوره سواء كان ذلك غدا أو بعد عشرين سنة ما يمنع وبحزم قاطع ممارسات أكثر الأحزاب العاملة على ساحة العمل السياسي التي يقوم فيها المكتب السياسي أو مجلس الإدارة (أو ما شابه من مسميات) التي تفرض على المنتمين للحزب دعم وانتخاب من يعينه المكتب دون أن يكون للقاعدة الانتخابية (أي جمهور الناخبين المنتمين للحزب) أي دور أو مشاركة أو رأي فيمن سيقومون بدعمه وانتخابه؟ أليست هذه ممارسة دكتاتورية أو فرض وصاية على أناس عاقلين راشدين؟ كيف تقبل من أشخاص عاديين، ونرفضها من أسرتنا الحاكمة التي حكمتنا أبا عن جد منذ مئات السنين؟ لذلك نقول: يجب أن يكون قانون الأحزاب متضمنا ما يمنع مثل هذه الممارسات الشاذة عن كل قيم الديموقراطية ويقضي عليها، وترجع الأمور كلها للأغلبية من المنتمين للحزب لتستقيم الأمور وتؤتي الديموقراطية أكلها للوطن والمواطنين ولا ينحصر أكلها وغنائمها في بضعة أشخاص يمارسون الدكتاتورية والوصاية على الناس وتحت شعار الديمقراطية.
هذا باختصار شديد «أي الأحزاب نريد؟» ولا مانع لدي من الانتظار إلى أن يأتي الوقت المناسب، أما إشهار ما هو موجود الآن من أحزاب وتغطيتها بالقانون فإن ذلك سيكون جريمة حقيقية بحق الكويت وأهلها حاضرا ومستقبلا «لا قدر الله».