باسل الجاسر
أي دولة أو مجتمع ينشد التقدم والتطور واللحاق بركب الدول والمجتمعات المتقدمة، يجب أن يفتح المجال على مصراعيه أمام القطاع الخاص على أن يكون ذلك تحت مظلة محكمة من القوانين المدروسة بعناية والتي تضمن العدالة والمساواة وتحقق مبادئ تكافؤ الفرص، وفي نفس الوقت تصون حقوق وأملاك الدولة وتمنع الاحتكار، هذه المتطلبات الأساسية التي يجب توافرها للتأسيس لقواعد راسخة ومتينة لتقدم حضاري منضبط يحقق الأهداف المنشودة بأقصى سرعة، وبعدها تأتي الضرورات التي تتمثل في مطار عظيم يستطيع استقبال أعداد ضخمه من البشر وأطنانا ضخمة أيضا من البضائع والسلع، وميناء عظيم يستطيع استقبال العشرات من السفن لتفريغ حمولتها في نفس الوقت دون حاجة لانتظار دور قد يستغرق أسبوعا أو أكثر، وبعدها يجب توافر شبكة مريحة للطرق وشبكة متطورة جدا للاتصالات، كما يجب توافر كهرباء وماء بسهولة ويسر لكل من يطلبهما بعيدا عن تهديد الانقطاع، بالإضافة إلى الاهتمام بفتح الحدود أمام التجار الأجانب، عندها فقط نكون هيأنا البيئة الاستثمارية السليمة التي ستستقطب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية بل ستجبر رؤوس الأموال للتسابق على الاستثمار في هذا الوطن، فرأس المال على قدر جبنه وحساسيته المفرطة من الظلم وعدم الاستقرار إلا أنه جسور ومتحفز للدخول إلى البيئة الاستثمارية السليمة الواعدة، وإن استطعنا كوطن توفير مثل هذه البيئة وهو أمر سهل خصوصا في ظل الوفرة المالية والصحوة القانونية التي نشهد بعض معالمها المتمثلة بالقوانين الاقتصادية التي صدرت مؤخرا الأمر الذي يجعلنا قاب قوسين أو أدنى من إيجاد البيئة الاستثمارية السليمة والجاذبة لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية وبما يمكّن وبسهولة ويسر من جعل الكويت مركزا ماليا واقتصاديا على درجة عالية من الأهمية ليس بمنطقة الخليج وحسب بل وعلى مستوى الشرق الأوسط فالكويت تملك موقعا جغرافيا مهما وحيويا لم يستغل أو بالأحرى تم إيقاف استغلاله منذ أواخر السبعينيات.
فإن استطعنا أن نخلق البيئة الاستثمارية السليمة وتدفقت رؤوس الأموال وانهمرت المبادرات لإنشاء المشاريع الاستثمارية والصناعية والمالية والخدمية الضخمة، فسينتج بالضرورة الرخاء الاقتصادي الصحيح اقتصاد حر ومتنوع يستثمر كل إمكانيات الوطن الكامنة من المشتقات النفطية حتى نصل لبيع نفطنا كمشتقات عوضا عن بيعه خاما واستخراج الغاز الكامن في باطن الأرض بل والنفط الذي نسيناه بالرميلة الأمر الذي سيضعنا على أعتاب نهضة حقيقية وسينعش اقتصادنا الوطني إنعاشا حقيقيا لا انتعاشا يرتبط ارتباطا وثيقا بالحظ والصدفة المعتمدة على ارتفاع قيمة النفط الخام. وهذا ما سيؤدي إلى الرخاء للوطن ومواطنيه وسيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل القيمة حيث ان أبناءنا بحاجة ماسة اليها وما سيعيد رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة.
هذه متطلبات وضرورات البيئة الاستثمارية السليمة التي يمكنها أن تستقطب رؤوس الأموال وتحدث القفزة التي ينشدها الكويتيون منذ زمن ليس بقريب وكلما ألحوا عليها شعروا بأنهم يبتعدون عنها للأسف الشديد.