باسل الجاسر
ارتفاع أسعار السلع والمواد على مختلف أنواعها ظاهرة عالمية لا تنحصر بالكويت بل هي ظاهرة يشهدها العالم بأسره ولا نستثني بلدا مهما كبر أو صغر ومهما كان متقدما أو متخلفا، وهذه الظاهرة يتحدث عنها الجميع بالعالم وهذا يأتي كنتيجة حتمية الحدوث بسبب ارتفاع أسعار النفط التي جاوزت 300% خلال السنوات القليلة الفائتة، وبما أن النفط هو الطاقة الرئيسة التي تعتمد عليها الصناعة والنقل والشحن والزراعة والصيد والإنتاج الحيواني والتغليف و... و... الخ، الأمر الذي يجعل ارتفاع الأسعار طبيعيا، ويأتي كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار النفط، بيد أن المستغرب بل والمستهجن هو تصرفات البعض الخطيرة التي يبدو أنها كذبت كذبة أن سبب ارتفاع الأسعار كان وراءه جشع التجار وصدقت الكذبة وراحت تهيم على وجهها للبحث عن حلول لوقف أو كبح جماح الغلاء، من خلال حث وزير التجارة على التصدي لجشع التجار تارة ومن خلال حث وزير الشؤون على القيام بواجبه في إطار إشرافه على الجمعيات التعاونية تارة أخرى مما نتج عن ذلك التخويف والتهديد المؤسس على تشخيص خاطئ، فللمشكلة تجاوزات خطيرة جدا كان أولها حل اتحاد الجمعيات التعاونية دون إعادة تشكيله وفق نظامه بل من خلال وصاية وزارة الشؤون وهذه ردة عن النهج الديموقراطي ولن ينتج عنه حل بالتأكيد لارتفاع الأسعار!
وها هو وزير التجارة يضغط عليه بقوة جعلته يتحرك باتجاه أحالة مستوردي المواد التي ارتفعت أسعارها للنيابة العامة ولا أدري ما الذي ستفعله النيابة لإنسان لم يسرق ولم يضرب أحدا، لا أدري حقيقة ما عساها أن تفعل معه.
أهم ما بالموضوع أن هذه الإجراءات لا علاقة لها بحل المشكلة الأساسية وهي غلاء الأسعار ألبتة لا من قريب ولا من بعيد وما هي إلا تخبط سيؤدي إلى أخطاء وتجاوزات دون داع ولا مناسبة سوى جهل هذا البعض وتسلطه الذي ضل وضلل الشارع معه وبات ينتظر أن تقوم وزارتا التجارة والشؤون بخفض الأسعار وهذا لن يحدث أبدا إلا في حال عادت أسعار النفط لسابق عهدها عند حدود 20 إلى 30 دولارا أما قبل ذلك فلن تستطيع لا وزارة الشؤون ولا التجارة ولا الحكومة ولا الدولة بكل قدراتها أن تسيطر على الأسعار فالاقتصاد حر وغير موجه وبالتالي السوق تحكمه آليات أهمها العرض والطلب.. وعليه فان الحلول تكمن بإعادة النظر بالرواتب والأجور ولا سبيل آخر لمواجهة هذه المشكلة التي يعاني تحت وطأتها الكثيرون من ذوي الدخول المحدودة. لذلك نقول لهذا البعض كفى تخبطا وتوهانا، وانظروا للأمر من خلال نظرة واقعية ولا داعي أبدا لتحميل المشكلة مشاكل أخرى ليس آخرها إطلاق الاتهامات الباطلة والجارحة لشريحة عزيزة من شرائح المجتمع الكويتي، وهي شريحة التجار وتأليب الشرائح الأخرى عليها زورا وبهتانا ودون مبرر أو داع، مما سيؤدي إلى تعقيد الأمور وتبقى المشكلة على حالها تسرح وتمرح دون قيود، تأكل ذوي الدخول المحدودة دون رحمة ونحن منشغلون بالسفسطة ونختلق المشاكل وننسى المشكلة الأساسية.