باسل الجاسر
المعركة الســـياسية المحتدمة منذ أيام في تركيا بســــبب الحجاب والذي أشعــــل فتــــيله اقتراح تقدمت به حكومة الأغلبــــية برئاسة رجب طيب أردوغان والذي يقــــضي بإلغاء الحظر المفروض منذ زمن الرئيــــس السابق ومؤسس تركيا العــــلمانية أوائـــــل القرن الفائت كمال أتاتورك والــــذي فرض جملة قوانين تفرض العلمانية على المجتمع التركي بشكل متطرف، وكان منها قوانين تمنع ارتداء الحجاب بالجامعات وبالمؤسسات والهيئات الحكومية وان كان هذا مقبولا بشكل أو بآخر في تلك الحقبة المليئة بالعنف والتسلط الذي كان يسود العالم وخصوصا الشرق.
إلا أنه اليوم وفي ظل هذا الانفتاح وتسيد مبادئ وحقوق الإنسان بات الأمر يقرأ على نحو مختلف، بل انه يشكل صورة مقيتة من صور التطرف، بل إنني شاهدت من التغطيات الإخبارية صورا تثير الدهــــشة والســــخرية كقول إحدى المتظاهرات ضــــد اقتراح رفع الحظر عن الحجاب «سنـــــجبرهم على ترك الحجاب» وآخر يقول «لن ترك لهم حرية ارتداء الحجاب» يا الله، ما أقسى وأشد هذا التطرف إنه يكاد يكون كتطرف بن لادن وأمثاله من المتطرفين الإسلاميين الذين لا يسمعون ولا يشاهدون إلا ما يقولون، يريدون هم أما من يختلف معهم، فهو إلى جهنم وبئس المصير ومع ذلك فقد تعامل السيد أردوغان مع الأمر بحكمة وقدرة سياسية فذة، فهو بالرغم من امتلاكه للأغلبية الساحقة في البرلمان وبالرغم من أن الحجاب مطلب شعبي عارم لدى قاعدته الانتخابية إلا أنه تعامل بروح المسؤولية لا بروح التحدي والتصادم فقرر أن يكون الاقتراح برفع الحظر عن الزى الشعبي المماثل للحجاب ولم يأت على الحجاب الشرعي الذي يثير حساسية المتطرفين العلمانيين رغم عدم امتلاكهم للأغلبية لا بالبرلمان ولا بالشارع إلا أنه أراحهم وحقق ما يريد هو وقاعدته الانتخابية فوأد فتنة كانت تطل برأسها على تركيا، وحافظ على استقرارالبلاد وحافظ على مصالح العباد وحقق الحق دون أن يتضرر البلد أو المجتمع، مما أثار إعجابي وتفاؤلي بأن مستقبل الشقيقة العزيزة آمن، وتسير أموره بالاتجاه الصحيح نحو التقدم والازدهار الذي نتمناه للأشقاء في تركيا.