باسل الجاسر
بعد النجاح الكبير الذي حققه مجلس الوزراء الموقر في التكتم على مقدار قيمة زيادة الرواتب منذ أواخر السنة الماضية حتى تم الإعلان عن الزيادة رسميا في الثلث الثالث من فبراير الماضي وهذا يسجل لمجلس الوزراء الحالي حيث استطاع أن يتماشى مع الدستور حيث قضى بأن اجتماعات مجلس الوزراء سرية وكان هذا نجاحا في الشكل إلا أنه حقق إخفاقا كبيرا جدا في الموضوع، أي موضوع الزيادة ذاتها بما ينم عن ضعف كبير وتخبط عظيم في احتساب الزيادة وفئاتها وشرائحها بين الجهات المعنية وهي هنا وزارة المالية وديوان الخدمة ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، فما ان أعلن مجلس الوزراء عن الزيادة بشكل رسمي وفرحت الناس بالزيادة، وخصوصا ذوي الدخل المحدود، حتى بدأت الجهات المعنية بإعادة حساباتها ولا أدري ماذا كانوا يفعلون قبل الإعلان الرسمي، ألم يشكلوا لجنة تحوي الخبراء بهذه الجهات لتخرج بنتائج محسوبة بالملي؟ أليس هذا أقل ما يجب أن يفعل ويكون؟
أليس هذا ما يفترض أن يكون حتى ولو كانت الدولة من أكثر الدول تخلفا؟ وكيف يتم التلاعب بالناس وحساباتهم المالية بهذه الطريقة الفجة ويمر الأمر بردا وسلاما ودون أن يعلن عن المتسبب في هذا الخطأ الجسيم ليحاسب ويتحمل المسؤولية أمام الناس ويرفع الحرج الذي ركب مؤسسة مجلس الوزراء وجرح مصداقيتها التي أعلنت عن أمر بشكل رسمي وبعد أسبوع تعود لتقول إن هناك أخطاء بالشرائح، وما شابه من أحاديث ماسخة تنم عن عدم إحساس بالمسؤولية وبأعذار أقبح من الذنب ذاته، وتنم أيضا عن رغبة أو اختباء وراء مؤسسة مجلس الوزراء ليجعل منها ممسحة لأخطائه بدلا من أن يكون العكس هو الواقع والحادث، فهذه المؤسسة يجب أن تظهر بأفضل صورة ويجب أن تتطهر صورتها باستمرار حتى ولو على حساب العاملين فيها.
فهي إن كانت صورتها سيئة فإن صورة البلد ستكون سيئة وتهتز ثقة الناس بالبلد جراء اهتزاز الثقة بمؤسسة مجلس الوزراء المهيمنة على مقدرات ومتعلقات وأمور البلاد كلها والعباد فيها، وفي هذه الغلطة الشنيعة، أنا على ثقة بأن مجلس الوزراء لا يد له فيها ومع ذلك يتحمل وزرها مادام لم يحاسب المسؤولين والمتسببين فيها، فهذه الغلطة أساءت بالفعل لصورة مجلس الوزراء ومصداقيته وآمال الناس أو ما تبقى منها بإصلاح الحال والأحوال في هذا الوطن، فهذه الواقعة جعلت الناس تتساءل: حكومة لا تستطيع حساب حسبة مائة وعشرين دينارا في أشهر وعندما تحسبها وتعلنها رسميا ترجع وتقول لقد وقع خطأ وسنعيد الحسبة مرة أخرى أي سيحسبها الناس الذين أخطأوا ولم يحاسبوا! ويبقى السؤال: من يضمن ألا يقع هؤلاء القوم في الخطأ مرة أخرى؟!