حرض الغرب قطاعات من الشعب الأوكراني للانقلاب على حكومته الشرعية التي جاءت عبر صناديق الاقتراع عبر الإغراء بضم اوكرانيا للاتحاد الأوروبي، ولم يكن هذا من باب حب الشعب الاوكراني وانما نكاية بروسيا ولحرمانها من قاعدتها البحرية الكبرى على البحر الاسود الكائنة بالقرم، ورغبة من الغرب في مجاورة روسيا حتى تكون في مرمى سلاحه فيما لو قامت حرب.. فعزلت الحكومة الشرعية وتم تنصيب حكومة لم تكتسب الشرعية الدستورية، الا ان الغرب اعترف بها بغرض تحقيق حلمه في اضعاف روسيا والسيطرة عليها.. ولكن روسيا التي كانت تكلفها اوكرانيا الكثير من الأموال لتأمين قاعدتها البحرية وبعد التدخل الغربي ضمت القرم وأدخلته ضمن الاتحاد الروسي وفق استفتاء شرعي وقانوني 100%، وبسبب تعنت حكومة الثوار الذين قاموا بإقصاء جزء مهم من الشعب الاوكراني وهم ذوو الأعراق والناطقون باللغة الروسية، وازاء هذا الاقصاء تمردت الاقاليم في شرق اوكرانيا وهي اكبر واهم مركز صناعي في اوكرانيا، فإذا بالثوار والغرب يرتعدون خوفا من انفصال هذه الأقاليم فيكونون امام خيارين كلاهما مر فإما حرب أهلية واما الانضمام لروسيا فينهار الاقتصاد الاوكراني فيجبر الغرب على دفع الفاتورة.. ما اجبرهم على الجلوس على طاولة المفاوضات مع روسيا التي وضعت الشروط التي كان اهمها تعهدات مكتوبة بإغلاق ملف ضم القرم وضمان حقوق اقاليم الشرق الأوكراني لتقوم روسيا بتهدئة التمرد هناك.
وهذه الأزمة اثبتت بشكل قاطع عودة روسيا كقطب دولي في مواجهة القطب الأحادي الأميركي الذي تفرد بالعالم منذ مطلع التسعينيات ولغاية هذه الأزمة التي كشفت عن قوة وقدرات روسيا في مواجهة أميركا والاتحاد الاوربي الذين ارادوا محاصرتها فإذا بها تجني الجوائز التي كان اهمها واكبرها ضم القرم التي فيها قاعدتها البحرية وهي من اهم قواعدها العسكرية.
وكنت قد توقعت مع بداية الأزمة بأن تدخل روسيا في مفاوضات على اقاليم الشرق الاوكراني في مقابل ضم القرم وللأبد.. وها هو توقعي يتحقق.
يبقى ان يتنبه صناع السياسة الخارجية بالخليج والعالمين العربي والإسلامي لعودة روسيا كلاعب رئيسي وأساسي في السياسة الدولية، ويجب اقامة علاقات متميزة معه خصوصا ان عودته اليوم هي على غير ما كان عليه قبل التسعينيات حيث كانت روسيا لديها الايديولوجية الشيوعية وفكرة تصدير الثورات.. اما اليوم فإن روسيا ديموقراطية وتحترم خصوصية الدول والشعوب وكل ما يهمها تحقيق مصالحها المشروعة.. لذلك فإنني انصح الجميع وخصوصا الخارجية الكويتية ببناء علاقات استراتيجية مع روسيا تأخذ بعين الاعتبار بأنها القطب الذي يمكن الاعتماد عليه بعد الخذلان المرير والانحياز البغيض الذي مارسته أميركا والغرب في دعم المخططات الماسونية في تقسيم وتدمير العالم العربي من خلال ما سمي بالربيع وهو بالفعل الجحيم العربي.
[email protected]
[email protected]
@baselaljaser