لقد قام الغرب بإسقاط النظام في ليبيا بحجة حقوق الإنسان وحماية الشعب الليبي من بطش نظام الحكم وعدم احترامه لحقوق الإنسان الليبي، وكذلك هو الحال بالنسبة لسورية، فقد تدخل الغرب وشجع الثورة السورية في كل مراحلها وتحولها من السلمية إلى ثورة عسكرية وقدموا لها المال وطالبوا بعض الدول بتقديم السلاح أو على الأقل غضوا البصر، وسهلوا دخول جبهة النصرة والإرهابيين بجميع أنواعهم وأخيرا صنعوا «داعش».. بمعنى أن كل ما حدث ويحدث في ليبيا وسورية سبب مشكلة الهجرة التي تشتكي منها أوروبا الغربية اليوم.
وهذا أمر طبيعي ويجب أن يتحملوا تبعاته وعلى الأساس ذاته الذي اسقطوا من خلاله النظام الليبي، ودمروا سورية وطنا وشعبا من خلاله وهو حقوق الإنسان.. فيجب عليهم اليوم استقبال اللاجئين والمهاجرين من سورية الهاربين من جحيم الإرهاب الداعشي والإخواني الموزع على اكثر من فصيل أهمها: أحرار الشام وجند الشام واتباعهم من نصرة وغيرها.. فقد صبر المهاجرون كثيرا في وطنهم الذي كانوا ينعمون فيه بالأمن والسلام ولم يفكروا قط في الذهاب لأوروبا ولا غيرها، لكنهم صبروا في وطنهم طويلا وصبروا في جوار وطنهم في معسكرات اللجوء لسنوات ولكن مشكلة وطنهم ما زالت تتعمق وتتكرس ولا أمل يلوح في الأفق، ولم يعد أمامهم سوى طريق واحد وهو الهجرة لمن وعدهم بإسقاط نظامهم السياسي بحجة حماية حقوق الإنسان، فقالوا من بشرنا بحقوق الإنسان ولم ينجز بشراه يجب ان نذهب إليه ولو في قوارب الموت او في قوافل الموت لينعموا بحقوق الإنسان كما يجب أن تكون من حرية ورفاه ومساواة.
أما إسقاط الغرب للنظام في ليبيا فإنه فتح الباب ليس للشعب الليبي لطلب الهجرة فقط وإنما فتح الباب على مصراعيه لشعوب أفريقيا المحرومة من حقوق الإنسان التي تدعيها أوروبا الغربية بقيادة أميركا للقدوم إلى ليبيا كمحطة انطلاق لأوروبا الغربية ليستظلوا بظلال حقوق الإنسان الوارفة في أوروبا الغربية.
وما يجب ان يعلمه الغرب أن استمراره في دعم المتمردين على معطيات الديموقراطية ضد من اختارهم الشعب الليبي ديموقراطيا والذين يمثلونه شرعيا.. وأن سقوط الشرعية في ليبيا مرة ثانية كل ذلك سيؤدي بالضرورة إلى فتح آفاق جديدة وواسعة لمضاعفة أعداد المهاجرين من الليبيين والعرب والأفارقة بل ستكون تجارة رائجة للهروب من الفقر والإرهاب.
وكذلك هو الحال بالنسبة لسورية، فإن النظام السوري الذي يسيطر على 30% من الأراضي السورية تقريبا، ولكنها تحتوي على أكثر من 9 ملايين نسمة تعيش آمنة تقريبا في ظل النظام، وهي المتبقي من الشعب السوري الذي يبلغ تعداده الآن 11 مليون نسمة من أصل 22 مليونا وفق تعداد 2011 فر نصفه من وطنه ويعيش إما في معسكرات اللجوء في جوار سورية شرعيا أو غير ذلك، وإما هائما في ارض الله الواسعة. وليعلم الغرب أن سقوط النظام السوري سيطلق حملة جديدة قوامها 9 ملايين إنسان سيفرون من انتقام الإرهابيين الذين سينتقمون منهم شر انتقام لوقوفهم او احتمائهم بالنظام السوري.
والحقيقة ان الغرب وتدخلاته السلبية عبر «الربيع» قد دمر الشعوب التي ضرب فيها ومازالوا مستمرين في هذه التدخلات، وهذا ما يوجب عليهم تحمل نتائج هذه التدخلات التدميرية وقبول جميع الذين يصلون اليهم في قوارب أو قوافل الموت، ولا يجوز اختيار المسيحيين منهم فقط لكي لا نعتبرهم يجنون ثمار الربيع الذي كان من ضمن أهدافه إجبار مسيحيي المشرق على الهجرة للغرب..! ونقول التزموا بشعاراتكم عن حقوق الإنسان، وهو اقل ضريبة يجب أن يدفعوها جراء جرائمهم بحق هذه الشعوب، فهل من مدكر؟
[email protected]
baselaljaser@