نشأت في الفترة الأخيرة الكثير من الصعوبات، والتحديات التي تواجه الآباء في تربيتهم لأبنائهم، وظهرت العديد من المشاكل، والعقبات المعيقة للوالدين أثناء مسيرتهم التربوية، ومن تلك المعوقات: العلاقة وأسلوب التواصل بين الآباء والأبناء، حيث نلاحظ فجوة كبيرة بين الطرفين، ونفورا شديدا من الأبناء تجاه آبائهم، وبالمقابل نجد حيرة شديدة من الآباء حول كيفية التصرف في هذه المسألة الصعبة؟
فإذا تساءلنا عن سر ذلك النفور وأسبابه وكيفية علاجه، يجيبنا د.زيد قاسم غزاوي الأستاذ في الجامعة الهاشمية بالأردن فيقول: «إن الإجابة نجدها عند التفكر في ـ الآية 13 ـ من «سورة لقمان»: (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) فالله عز وجل يعلمنا أن أفضل منهاج في التربية هو تربية لقمان لابنه، فأول كلمة ذكرها له هي كلمة الوعظ «يعظه» فهنا المفتاح لفهم سبب النفور الكبير بين الآباء والأبناء؟ حيث نجد أن غالبية الأهل عند محاولتهم للتواصل مع الأبناء، فإنهم يستخدمون أسلوب الأمر في افعل كذا ولا تفعل كذا، وهذا مخالف لهدي الله في القرآن الكريم، الذي يعلمنا أن مفتاح التواصل بين الأهل والأبناء هو الوعظ أي النصح وليس أسلوب الأمر المتبع حاليا».
ويؤكد على كلامه ذلك بالقول: «إن الشيطان عليم بالإنسان، وكيفية التأثير عليه، ونلاحظ من التفكر في ـ الآية 21 ـ من «سورة الأعراف» بأن الشيطان يستخدم أسلوب النصح عند وسوسته للإنسان: (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) ليرقق قلب الإنسان للفكرة التي وسوس له بها، لأن الشيطان هو خبير بالإنسان، وكيفية التواصل معه، وهذا يوافق استنتاجنا عن أهمية الوعظ أي النصح في تربية الأبناء».
أخيرا يذكر د.غزاوي أن أسلوب النصح له الكثير من الفوائد وأهمها: «الرقة في قلب الابن عند سماع الكلام، لأن النصح يدل على محبة الخير من الناصح للمنصوح، وبالتالي استعداد أكبر لدى الابن ليفكر فيما يسمع من الأهل، كما أنه يؤدي إلى إشراك الأبناء في اتخاذ القرارات المختلفة في الحياة، وهذا يشجعهم على السماع والتفكر في نصح الآباء».
وختاما: أعتقد أن علينا أن نجذب أبناءنا مبكرا منذ الصغر، ونؤسس معهم علاقة قوية، مبنية على الثقة، والمحبة، والحوار المتبادل بين الطرفين، حتى يتقبلوا نصائحنا في المستقبل.
كما يجب علينا اللجوء للنصيحة الذكية المغلفة بطريقة جذابة، وغير مباشرة، تماما كما نفعل عند صناعة الساندويتش، فنحن نقوم بوضع طبقة من الخبز، وفوقها المكونات المختلفة، ثم نضع طبقة ثانية من الخبز، ونزين الطبق بطريقة جميلة، ونضيف له بعض المقبلات الجانبية، حتى نشجع الشخص على تناوله والاستمتاع بمكوناته ـ وهذا هو سر حب أبنائنا لتناول الطعام في المطاعم بصورة دائمة لأنه مقدم بشكل جميل وجذاب وفي جو مختلف ـ إذن من الضروري بدء النصيحة بالتحفيز، والتشجيع، عبر ذكر مزايا الابن وايجابياته، ثم ندخل النصيحة المطلوبة بأسلوب هادئ وجميل، وبعدها نختم كلامنا بالتشجيع والتحفيز مرة ثانية.
ومن المكونات الأخرى للساندويتش الذكي كذلك: استخدام القصة، والموقف، وأيضا استغلال المشاهد التلفزيونية عند جلوسنا مع الأبناء ومشاهدة التلفاز، وذلك لتوصيل النصائح والأفكار الايجابية بطريقة جذابة وغير منفرة.
[email protected]