بينما كنت أتصفح مجلة «reader's digest» المنوعة، استوقفني موضوع طريف نشرته المجلة على إحدى صفحاتها، حيث ذكرت أن كاتبا ساخرا طرح على زوار موقعه الالكتروني السؤال التالي:صف عملك بجملة واحدة فقط، فأرسل له العديد من الأشخاص تعليقات كثيرة يصفون بها أعمالهم ولكن من أطرف تلك التعليقات ما يلي:
إن عملي هو:
- الجلوس طوال اليوم محدقا بالنافذة «طيار».
- الهروب من المكان وإحضار رجال الشرطة «حارس أمن».
- قص ولزق البحوث من الإنترنت «طالب».
- تعليم الأطفال كيف يصبحون مجرمين «مصمم ألعاب إلكترونية».
- رسم مخططات لمنشآت لن يتم تنفيذها وفق تلك المخططات «مهندس مدني».
- نقل الأشياء من أنبوب إلى آخر «فني مختبر».
- كتابة كلمات لا يرغب أحد في قراءتها «مبرمج».
- الحديث أثناء نوم الآخرين «أستاذ جامعي».
- تحويل المواد الغذائية المفيدة إلى أطعمة غير صحية «طاهي وجبات سريعة».
- إصلاح متكرر لعطل متكرر «فني كمبيوتر».
ورغم طرافة التعليقات السابقة، إلا أنها تخفي خلفها الكثير من المدلولات العميقة، التي تتراوح بين الإحباط، وعدم الرضا، والاحتقار، والملل، ...وغيرها.
ثم أخذت أتساءل:
لماذا لا نحب أعمالنا؟
ولماذا نذهب إليها كل يوم ونحن مجبرون؟
هل المشكلة متعلقة بنا كأشخاص؟
أم إنها متعلقة بأماكن عملنا؟ونوعية البيئة التي نعمل فيها؟
أم إن مجتمعنا هو المتسبب في ذلك؟
وحينما تأملت علاقتنا بأعمالنا وجدت أنها مرتبطة بثلاثة جوانب:نحن وأماكن عملنا ومجتمعنا.
فإذا نظرنا الى الجانب الأول: وجدنا أن البعض منا ليس لديه الرغبة الداخلية أو الدافعية للإنجاز، أو قد اعتاد على التراخي واللامبالاة، والاعتماد على الآخرين في تسيير شؤون حياته، الأمر الذي أدى إلى عدم تمكنه من تحمل المسؤولية والجدية في العمل.أما الجانب الثاني: فهناك الكثير من أماكن العمل ذات روتين قاتل، فهي تقيد الإبداع، ولا تسمح بحرية التصرف وإنجاز الأعمال بطرق جديدة تحمل طابع التحدي والمتعة، بالإضافة إلى ضعف التقدير، وقلة التحفيز، مما يدفع الموظف إلى التهرب من أداء عمله بأي وسيلة، أو ينجزه بطريقة ميكانيكية جامدة. ونأتي للجانب الثالث: المجتمع بشقيه الداخلي والخارجي، وأقصد بالمجتمع الداخلي الأسرة والأهل والأصدقاء، الذين من واجبهم إسداء النصح والإرشاد لنا، وتوجيهنا إلى الطريق الصحيح، فبدون مساعدتهم سننحرف عن وجهتنا، ولن نتمكن من تحقيق أهدافنا، أما المجتمع الخارجي فهو المؤسسات الدينية والتعليمية بمختلف فئاتها، ومنظمات المجتمع المدني بكل اختصاصاتها، ووسائل الإعلام بتعدد أنواعها، فهذه الجهات جميعها يجب أن تلعب دورا أساسيا في تكوين ثقافتنا تجاه العمل.
فدور المؤسسات الدينية والتعليمية يكون بغرس القيم الأساسية بداخل النفوس تجاه العمل، كقيم التفاني، والإخلاص، والأمانة، .. وغيرها. أما منظمات المجتمع المدني فعليها تقديم الخطط التدريبية، ووضع البرامج العملية، والمشاريع الإبداعية التي تساهم في تفعيل قيم العمل المكتسبة سابقا، ووضعها موضع التنفيذ على أرض الواقع.ثم يأتي دور وسائل الإعلام وهو لا يقل أهمية عن الأدوار السابقة، إن لم يكن متفوقا عليها في التأثير، لذا فنحن نريد منه تقديم القدوات الصحيحة لنا، وإبراز النماذج الفاعلة في المجتمع.
وأختم بالقول: انه عندما تتكامل الجوانب الثلاثة: الفرد، وبيئة العمل، والمجتمع، بصورة صحيحة، سوف نستطيع بناء الموظف الكفؤ الذي سيساهم في تطوير وظيفته، والارتقاء بمكان عمله، ونهضة مجتمعه.
زاوية أخيرة: أظهرت دراسة حديثة لمؤسسة البترول الكويتية «حول الرضا الوظيفي بالقطاع النفطي» شارك فيها(6781)موظفا، أن درجة الرضا الوظيفي لديهم بلغت49%.
[email protected]