دلال مدوه
تغمرنا سعادة كبيرة، وراحة هائلة حينما نجد من يشاركنا مشاعرنا الحزينة، ويتفاعل معنا في لحظاتنا الأليمة.
ويجرفنا تيار قوي من الإحساس بالرضا عندما نرى أحدا يقف معنا ويساندنا في مصائبنا العظيمة، وقتئذ نرى العالم من حولنا يشرق بالنور، ويظلنا سحاب الفرح والسرور، ونشاهد طريقنا بمنتهى الوضوح، ونترك خلفنا الهموم والجروح.
وكيف نحزن والناس تغرقنا في بحر من الحنان؟ ولا يمكن ان نضيع وأيديهم تأخذ بأيدينا لبر الأمان، ونعيش أيامنا في حلم جميل، ونظنه واقعا قد يبقى طويلا، ذاك هو التعاطف الذي يهديه لنا الناس، وكم المشاعر الجميلة التي لا تقاس.
يقول د.سامر جميل رضوان في دراسة طويلة ترجمها نقلا عن هايكو ايرنست ـ رئيس تحرير مجلة علم النفس اليوم الألمانية حول هذا الموضوع: «التعاطف هو فن الإحساس بالآخر، انه اكثر من مجرد مشاركة وجدانية بل هو ايضا قدرة على الإصغاء والتبصر بهدف التعرف على أفكار ومشاعر الآخر، وتعد هذه القدرة مولودة وليست مكتسبة ومع ذلك فإننا قليلا ما نستخدمها».
كما يبين لنا في مواضع اخرى من الدراسة أورد هنا مقتطفات منها (بتصرف) فيقول: اننا عندما نشارك الآخر وجدانيا نعيش معه حالة الحزن أو السعادة، ونتقاسم هذه الخبرات معه وبالتالي نستطيع ان نعزي انفسنا حينما نذكر مواقف مشابهة، ومن شروط التعاطف الإصغاء والملاحظة الدقيقة، فإذا اردنا ان نكون متعاطفين فعلينا ان نرى العالم بعيون الآخر.
كما يؤكد على اهمية التعاطف في انه الرابطة التي تربطنا بالآخرين وبدونه سنكون منغلقين على أنفسنا وليست لدينا علاقات دائمة، وتتجلى القدرة التعاطفية لدينا حينما نساعد شخصا ما على رؤية الصورة الكلية للموقف قبل ان يقوم بأي تصرف طائش، ويتطلب التعاطف التوقيت الجيد والانصات لمعرفة الشعور الحقيقي الخفي، فغالبا ما يكون الشعور بالغضب يخفي شعورا بالخيبة أو غيره.
وتحذرنا الدراسة بالقول:
ان التعاطف الحقيقي قد يختلط علينا احيانا حتى في العلاقات الحميمة مع التعاطف المصطنع فقد يبدو الشخص لنا لطيفا ومتعاطفا، الا انه يربط المشاركة الحقيقية مع رغباته الأنانية، لذا يجب التدرب على «اليقظة التعاطفية» التي تقتضي ملاحظة التناقضات الصغيرة والاختلافات في أسلوب الكلام، ولغة الجسد لانها تكشف لنا حقيقة التعاطف وتحمينا من الاستغلال، واخيرا من الضروري فهم ان التعاطف لا يعني الحصول على الخبرة، او كسب اعجاب الآخر، ولا يهدف للشفقة عليه بل الى مساعدته، لكنه اذا لم يتفهم، او لم يرغب بتعاطفنا فعلينا ألا نشعر بالذنب بسبب ذلك.
زاوية أمل:
التعاطف، فن جميل نفتقده في أيامنا هذه، وهو إحساس راق يشعرنا بإنسانيتنا، فلنحيي جميعا هذا الفن بتقديم بعض من مشاعرنا الدافئة للآخرين.