بقلم دلال عبدالرزاق مدوه
قبل عامين فاجأتني صديقة بالسؤال التالي: هل فكرت بالهجرة من الكويت؟ فصدمت من سؤالها وأجبتها دون تردد: إنني كالسمكة تموت إذا خرجت من الماء، لا أنسى كيف عشنا خارج الكويت في فترة الغزو العراقي الغاشم ننام ونصحو ونحن نحلم بالعودة إلى بلدنا الحبيب، حتى منّ الله علينا بنعمة التحرير لنعود إلى وطننا الغالي بعد أن أضنانا الشوق إليه وأتعبتنا الغربة.
وقبل أسبوعين صدمتني صديقة ثانية فقالت لي: أتمني أن تتاح لي فرصة الهجرة والعمل في إحدى الدول الخليجية، فقد سمعت شخصية معروفة في تلك الدولة تشجع الشباب الخليجي، وتدعم مشاريعهم وتساعدهم على استكمال دراستهم العليا في الخارج. فسألتها: لماذا فكرت في ذلك؟ فأجابت: ألا ترين حالة الإحباط التي نعيشها يوميا في كل مكان؟ أنظري حولك وشاهدي التردي في كل المجالات، والفساد ينخر فينا ووضعنا من سيئ إلى أسوأ.
نظرت إليها وتألمت من كلماتها، فقالت لي: بحرقة إنني أحب بلدي وأتحسر على ما يحدث، ولكن ما باليد حيلة، أعيش أنا وغيري الكثير من الشباب حالة إحباط مستمر، فليس هناك فرص متاحة أمامنا للتعليم والإبداع والعمل، في كل مكان نجد العراقيل والمحبطين، تخيلي إنني كنت في زيارة ضمن مجموعة إلى شخصية معروفة لطلب رعاية، فأسرت لنا تلك الشخصية: لماذا لا تشجعون الشباب على العمل اليدوي؟ لماذا يجب أن يتعلم كل الشباب الكويتي ويحصل على أعلى الشهادات؟ بعدها خرجت من تلك الجلسة محطمة نفسيا وأنا أقارن بين تلك الشخصية الخليجية وهذه، وأخذت أردد ليس هناك فائدة وأنا الآن أشجع أخوتي على استكمال دراستهم ثم العمل في ذلك البلد، وأتمنى أن تتاح لي الفرصة لألحق بهم أنا وباقي الأهل.
ومؤخرا بدأت أسمع عن الحالات التي هاجرت بحثا عن فرص في أماكن أخرى، أو هربا من وضعنا المؤلم، وعن المبتعثين للدراسة في الخارج الذين لا يعودون فيستقرون بعد الحصول على عروض عمل مغرية أو عند إنشاء مشاريع ناجحة.
كما وجدت هذا الموضوع متداولا في بعض المنتديات على الإنترنت، والمشاركين في نقاشه بين رافض ومؤيد ومتردد.
فحزنت كثيرا على اليوم الذي أصبح فيه الكويتي يحلم بالهجرة كحال الكثير من شبابنا العربي.
• زاوية أخيرة: نداء عاجل إلى المسؤولين لبحث هذه المسألة الملحة واتخاذ الحلول اللازمة عبر تشجيع الشباب وإتاحة الفرص أمامهم، قبل أن نستيقظ يوما فنجد أغلب شبابنا وقد هربوا للخارج.
[email protected]
dmadooh@