دلال مدوه
هل يمكن أن نشاهد في المستقبل هذا الإعلان يملأ الصحف؟ أو نجده مكتوبا على لوحات إعلانية منتشرة في الشوارع؟ أو نراه يطل علينا من مواقع الإنترنت؟ ربما يعتقد البعض ان ذلك مستحيل الحدوث! أو يرى آخرون اننا لن نصل لذلك الأسلوب الفاضح والمكشوف.
وأقول لا تعجب أيها القارئ الكريم حينما تعلم ان احد الأشخاص قد عرض ضميره للبيع في موقع «ebay» المتخصص في المزادات، فبدأ المزاد بسعر دولار واحد حتى وصل أعلى سعر له في المزايدة الى 20 دولارا و50 سنتا.
وقد أوقف القائمون على الموقع عملية البيع بحجة ان الرجل لا يملك دليلا على حيازة البضاعة، فضلا عن عدم قدرته على تسليمها للمشتري.
إذن فالضمير وإن عرض للبيع فلن يساوي الكثير مهما دفع فيه، وذلك لأن العالم من حولنا قد فاض للأسف بكم هائل من الضمائر المعروضة والقاعدة المعروفة تقول: انه كلما زاد العرض انخفض السعر.
لذا، فإننا بكل بساطة عندما نبيع ضمائرنا فسنخسر أنفسنا لأننا بعناها بأبخس الأثمان، وسنخسر الآخرين كذلك، لأنهم تركونا بعد أن فقدوا احترامهم لنا.
ولن نكون سعداء بما حصلنا عليه من مكاسب مزيفة، بل ستنقلب حياتنا الى تعاسة وشقاء تطاردنا كوابيس الليل وهواجس النهار، وتلاحقنا أشباح الخوف في كل مكان، دائما نتلفت من حولنا لأننا نخشى من افتضاح أمرنا.
وقد يسأل سائل اذا كانت الضمائر ممكنة البيع فكيف تكون الأخلاق قابلة للتأجير؟
والإجابة هي اننا نقوم بذلك حينما نبدل مواقفنا وسلوكياتنا لنحقق مصالحنا، حتى وان كان هناك خطر على الآخرين، أو مصادرة لحقوقهم، حينها نكون قد قمنا بتأجير أخلاقنا لمن يلبي مطالبنا وينفذ رغباتنا.
ولكن ما السبيل الى معالجة هذا الأمر؟
إن العلاج الوحيد لهذه المسألة هو اننا حينما نتخذ موقفا في هذه الحياة تجاه اي أمر من الأمور فعلينا ان نرسم لأنفسنا خطا نسير عليه، ولا نحيد عنه ابدا وإن لاقينا الصعوبات، أو صدمنا بالعقبات، دليلنا قرآننا، ومرشدنا سنة نبينا ( صلى الله عليه وسلم )، فإذا ضعفنا أو أصابنا الوهن وكدنا نسقط في فخ الشيطان، يجب ان نذكر أنفسنا بقوله تعالى: (انه يعلم الجهر وما يخفى ـ الأعلى:7).
إذن فهو معنا في كل زمان ومكان، في السر والعلن، لذا فلنراقب الله في أحوالنا جميعها، وتصرفاتنا، حينما نمارس أي وظيفة أو نزاول اي مهنة عندما نبيع ونشتري أو نؤتمن على مال، أو علم، أو غيره.. في كل قول، أو فعل، أو عمل.
زاوية مضيئة: أطلقت الكاتبة ريم أبوعيد مؤخرا حملتها الأخلاقية الجديدة تحت مسمى «ضمير إنسان» وذلك بالتعاون مع مجموعة من المثقفين العرب وتهدف الى الإصلاح الأخلاقي في المجتمعات العربية، وايقاظ الضمير الإنساني في النفس البشرية.