دلال مدوه
تجري الاستعدادات في هذه الأيام على قدم وساق لوضع اللمسات النهائية على «الدورة الرمضانية» للبرامج والمسلسلات، او لنسمِّها بالأصح «المسخرة الرمضانية»، حيث تلهث الفضائيات للفوز بأكبر قدر ممكن من العروض الحصرية ذات الميزانيات الضخمة.
وفي ظل ذلك السباق المحموم، والمنافسة الشرسة، اخذ القائمون على شركات الانتاج الاعلامي يتفننون بأيام رمضان المباركة، في تقديم «المسلسلات» القبيحة شكلا ومضمونا، او لنسمِّها «المهلهلات» لأنها مهلهلة في افكارها وعناصرها، او «المشوهات» لأنها شوهت المجتمعات العربية، فأظهرتها بصورة بشعة منافية للواقع في كثير من الاحيان، ولجأت لكل الوسائل الرخيصة والمبتذلة، لتشكيل كم هائل من الصور السلبية والمحبطة، فقدمت لنا قشور الامور على انها لب الحياة، وأبرزت لنا النماذج الشاذة، والمنحرفة، والساقطة اخلاقيا لنتخذهم قدوات.
ولم يكن حال الدراما الخليجية بصورة عامة او الكويتية بصورة خاصة أفضل من حال الدراما العربية، فوجدنا استماتة شديدة للاسف، وتدافعا جنونيا من جانب شركات الانتاج الكويتية والخليجية، على تشويه المجتمع الكويتي والمجتمعات الخليجية، وإظهارها كمجتمعات فاسدة، لا هم لأفرادها سوى الجري وراء الشهوات والملذات، والغرق في اوحال من الفواحش والمحرمات.
لماذا يصورون مجتمعاتنا وكأنها قد تخلت عن القيم والإيمان، وتبنت الرذيلة والانحلال؟
ولماذا يعرضون لنا العلاقة غير السوية، على انها حرية شخصية؟
ولماذا يقدمون لنا السلوكيات الدخيلة والمتطفلة، على انها امور واقعية متأصلة؟
و...ألف لماذا؟ ومن المتضرر من ذلك كله؟ او لنقل: من المستفيد؟ فإذا كان الاعلام الخاص في صراعه من اجل البقاء، قد سقط في مستنقع الإسفاف بحثا عن الأرباح، فما هي حجة الإعلام الرسمي الذي كان من المفترض الا يسقط وراءه؟
وربما يحتج البعض علينا ويدعي ان تلك المسلسلات قد تعالج سلبيات المجتمع، وإلى متى ونحن نقوم بدفن رؤوسنا في الرمال دون ان نطرح قضايا مجتمعية؟
وقبل ان نرد عليهم، دعونا نتساءل اولا: هل قدمت تلك المسلسلات حلولا سحرية لمشاكلنا؟ وهل ساهمت في نشر الوعي في المجتمع؟ وهل تمت الاستعانة بالمختصين حينما أنتجت تلك المسلسلات؟ وسأترككم تستكملون قائمة طويلة من التساؤلات بصحبة «هل؟».
وأختم مقالي بسؤال أخير للمعنيين: إذا كان الفن رسالة سامية كما تدعون! فأين الرقي فيما تطرحون؟
زاوية مضيئة:
اتفق وزراء الإعلام العرب، على إقامة «مفوضية عامة للإعلام العربي» لتنظيم البث الإذاعي والتلفزيوني عبر الفضاء وفقا للمبادئ المتفق عليها، مع الالتزام باحترام الحق في التعبير، وحرية الرأي، وتفعيل الحوار، ومواجهة ما يمكن ان تنزلق اليه بعض الممارسات الاعلامية، وطلبوا من اتحاد اذاعات الدول العربية دراسة الوسائل التي تساعد على بث برامج تلفزيونية واذاعة عربية، تهدف لتحقيق التقارب بين الشعوب العربية، وتعريفها بالجوانب الايجابية في كل بلد.