بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الأربعين ليوم الأرض والذي يصادف اليوم تلقت «الأنباء» مقالا من السفيرة الأميركية ديبورا جونز فيما يلي نصه:
لقد بدأ الاحتفال بيوم الأرض للمرة الأولى في الولايات المتحدة بظهور الحركة البيئية الحديثة عام 1970 عندما نزل 20 مليون أميركي الى الشوارع والحدائق العامة والقاعات للتظاهر ضد مظاهر التلوث والتدهور البيئي المتزايد والعمل على إيجاد بيئة صحية ومستدامة، وبفضل هذا الوعي البيئي المتزايد في تلك الفترة قامت الولايات المتحدة بإنشاء وكالة حماية البيئة الأميركية في أواخر عام 1970 وإصدار بعض التشريعات المهمة مثل قانون الهواء النظيف 1970 وقانون المياه النظيفة 1972.
من جانبها، بذلت إدارة الرئيس أوباما جهودا مضنية للحد من انبعاثات الغازات الدفينة أكثر من أي وقت مضى من خلال وضع السياسات المحلية التي تطور الطاقة النظيفة وتحافظ على المناخ وتنخرط بشكل كبير في المفاوضات المتعلقة بتغير المناخ، وفي ديسمبر الماضي وبالتحديد في مدينة كوبنهاغن وافق زعماء العالم على اتفاق كوبنهاغن والذي يتطلب من كبرى الاقتصادات اتخاذ اجراءات للتخفيف من حدة التغير المناخي والالتزام بالشفافية لتحقيق هذه الأهداف، وتمويل الدول الأكثر فقرا وضعفا وتقديم الدعم التكنولوجي لهم. وعليه، ستشارك الولايات المتحدة في الجهود العالمية الرامية الى حشد وجمع التمويل لمساعدة البلدان على التكيف مع التغير المناخي بتبني سلسلة من الإجراءات منها: منع إزالة الغابات في المناطق المدارية، كما هو الحال في وسط وجنوب أميركا، ووسط أفريقيا، وجنوب شرق آسيا.
وبالمثل، تكرس الولايات المتحدة جهودها لتحسين فرص الحصول على مياه نظيفة، وفي عام 2005 تمت المصادقة في الكونغرس الأميركي على مشروع «المياه للفقراء» والذي تقدم به السيناتور بول سايمون، والذي يضمن إمداد الدول النامية بالمياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي كواحد من الأهداف السياسية المحددة التي تتبناها برامجنا للمساعدة الخارجية، وفي هذا الصدد صرحت وزيرة الخارجية كلينتون منذ شهر واحد فقط في اليوم العالمي للمياه «لا يجد المرء كل يوم قضية مثل هذه تسمح للديبلوماسية الفعالة العمل على إنقاذ الملايين من الأرواح وإطعام الجياع وتمكين النساء من حقوقهن ودفع عجلة مصالح أمننا الوطني وحماية البيئة والتدليل لملايين من البشر على ان الولايات المتحدة تولي اهتماما بهم وبحياتهم وبمياههم، فالماء هو القضية»، ولتحقيق هذا الهدف ستعمل الولايات المتحدة على تعزيز قدرة البلدان النامية، والانخراط معها ديبلوماسيا، والاستثمار في البنية التحتية وزيادة دور العلم والتكنولوجيا وتقوية نفوذ الشراكات.
وفي هذا العام يحتفل العالم بالسنة الدولية للتنوع البيولوجي، وليس غريبا ان تعاني الولايات المتحدة من خطر فقدان التنوع البيولوجي، وفي الستينيات على سبيل المثال كان النسر الأميركي الأبيض الرأس، رمز الولايات المتحدة، على وشك الانقراض، وفي عام 2007 تم استبعاده من قائمة الأنواع المهددة بالانقراض بفضل الجهود التي تم اتخاذها في اطار قانون الأنواع المهددة بالانقراض الصادر عام 1973، والجهود المبذولة للحد من المبيدات الحشرية الضارة، وتخضع اكثر من 27% من مساحة الأراضي في الولايات المتحدة بشكل ما للحماية الاتحادية من خلال تطبيق مجموعة متنوعة من البرامج، مثل نظام الحدائق الوطنية، والنظام الوطني لتوفير المأوى للحياة البرية، وبرنامج المحميات البحرية الوطنية، والنظام الوطني للغابات، ويعد قانون لاسي الصادر عام 1900 شاهدا تاريخيا باعتباره أقدم قانون تم التصديق عليه في الولايات المتحدة للمحافظة على البيئة، كما يعتبر شهادة على نجاحنا في الحفاظ على موارد الحياة البرية والتي من بينها النباتات والأشجار التي تحصد بطرق غير شرعية.
وبحكم منصبي كسفيرة للولايات المتحدة لدى الكويت فإنني مهتمة بقدر كبير بتعزيز المبادرات الخضراء هنا أيضا، فالكويت والولايات المتحدة تتشاركان الاهتمام بضرورة الحد من تأثيرها على البيئة، حيث اننا نواجه بعضا من هذه التحديات، غير ان التحدي الأكبر يتمثل في مواجهة احتياجات القوى المتنامية في العالم والعمل على تقليل الأثر السلبي لهذه الاحتياجات على هذا الكوكب، فهناك بعض المنظمات مثل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ومعهد الكويت للأبحاث العلمية قامت وتقوم بالبحث في الطاقة البديلة، وقد عكس المنتدى الأخير الذي نظمته مؤسسة الكويت للتقدم العلمي حول «المنظور في الطاقة والمناخ» التزام الكويت المتواصل بالحفاظ على البيئة ونظامها الايكولوجي، وعليه فإننا نبحث عن سبل لتحسين التعاون العلمي حول هذه القضايا.
وعلى المستوى التجاري، تمتلك الشركات الأميركية التكنولوجيا التي تساعد الكويت على تحقيق هذه الأهداف، وقد اظهرت بعض الشركات الأميركية المشهورة مثل شركة tetratech، وشركة ch2mhill التزامها بالمشاركة في حماية البيئة عن طريق تنظيف البحيرات النفطية وتوفير تكنولوجيا معالجة المياه، وقد انضم اليهم عشرات من الشركات الرائدة في الحفاظ على البيئة في الولايات المتحدة مثل شركة earthsoft، imbtec، e&pa، وشركة ihs التي لديها ممثلون ناشطون في الكويت، وعلاوة على ذلك، شكل مجلس الأعمال الأميركي في الكويت مجموعة معنية بالشأن البيئي، وستعقد المجموعة اجتماعها المقبل في مايو والذي سيركز على مفهوم «الأعمال الخضراء.. أعمال جيدة».
وفي هذا الإطار، أود ان أشيد بالدور الذي تلعبه الكويت بتقديم المساعدات الانسانية والانمائية للدول الخارجية في اطار جهودها المتواصلة للارتقاء بنوعية الحياة وتقديم الدعم للمحتاجين، ولاسيما في العالم العربي والاسلامي، وآمل ان تكون الكويت شريكا للولايات المتحدة ودول المجتمع الدولي الأخرى في العمل على توجيه هذه المساعدات لتركز بالأساس على أهمية الحصول على مياه شرب مأمونة، وعلى تحقيق أهداف أكبر من خلال الحد من التلوث، وبناء بيئة صحية ومستدامة.
يمكننا جميعا ان نلزم انفسنا بأن نلعب كأفراد دورا للمساعدة في حماية البيئة، ومن هذا المنطلق، أشجعكم جميعا على الانضمام لأكثر من مليار نسمة في 190 دولة يعملون من اجل يوم الأرض ومن اجل خلق اقتصاد عالمي اخضر صديق للبيئة، ادعوكم جميعا للتطوع في اليوم الذي تنظمه سفارة الولايات المتحدة لتنظيف الشاطئ، في يوم السبت الموافق 24 ابريل الجاري من الساعة 9 حتى 11 صباحا ابتداء من الجزيرة الخضراء بمحاذاة شارع الخليج حتى مطعم ماكدونالدز الواقع بعد نادي الكورنيش على شارع الخليج، وسيتم تنظيم هذا الحدث برعاية مشتركة من السفارة الأميركية في الكويت وبلدية الكويت ومركز العمل التطوعي في الكويت، ولذا تتوجه سفارة الولايات المتحدة بخالص الشكر لبلدية الكويت لتقديم الدعم ولتوفير المتطوعين لهذا اليوم، والتي من دونها لما كان هذا الحدث ممكنا.
اليوم يحتاج كوكبنا الى الالتزام والتفاني من جميع اطراف المجتمع الدولي للحفاظ على موارد الأرض وحمايتها، أيا كان نوعها من هواء، ماء، نبات، أو حيوان، ومع اندلاع بركان ايسلندا الأسبوع الماضي، ذكرتنا الطبيعة الأم بقدرتها على لعب دور تخريبي وكذلك دور ايجابي في الاقتصاد العالمي بل وفي تحركاتنا اليومية، وبينما نحن نتوقف بعض الوقت للاعتراف بانجازاتنا، لا ينبغي علينا ان نغفل التحديات التي تواجهنا، ونواصل مسيرة البناء على ارث الحركة البيئية الحديثة التي بدأت قبل أربعين عاما.