سلسلة النيل من العلماء الكبار والدعاة الأفاضل، والافتراء عليهم والتشهير بهم، ابتدأت هذه السلسلة بالعلامة صالح الفوزان حفظه الله، تلاه العلامة الراحل عبدالله بن جبرين رحمه الله، ثم صالح اللحيدان، ثم محمد المنجد، ثم سعد الشثري، ثم محمد العريفي، وأخيرا عبدالرحمن البراك ويوسف الأحمد، والله يستر من القادم، فالاستخفاف بمنزلة العلماء لا يقل جرما عن الاستخفاف بالسلطان، لأنهم جميعا من ولاة الأمر الذين أمرنا الله بطاعتهم، وصدق القائل: «من استخف بالعلماء أفسد دينه، ومن استخف بالسلطان افسد دنياه».
مناقشة العلماء واستيقافهم ومناصحتهم أمر محمود بلا شك، لكن تطاول الجهال عليهم والسفلة من الناس هو الأمر المرفوض كلية، لأن الاستخفاف بالعلماء في حقيقته هو استخفاف بما يحملونه من علم ودين، ولذلك فما يحدث في الساحة الإعلامية بين فترة وأخرى من تسليط الضوء على هفوات وزلات بعضهم لا يضرهم حقيقة، بل يزيدهم أجرا ورفعة في الدنيا والآخرة، وإنما الضرر يقع في المقام الأول على مروجه، كما يتضرر العامة من الناس الذين نفروا عن نبع ومنهل العلماء الأصيل، وعدموا الخير والبركة نتيجة الدعاية السيئة.
سلسلة النيل من العلماء واقتطاع أحاديثهم ونشر هفواتهم بسوء نية أو التقول عليهم إنما هي ضمن مؤامرة كبيرة وحملة منظمة لا يمكن للمتابع الجيد للأحداث الأخيرة أن ينكرها أو يشكك في حقيقتها، وصار المعيار فيها واضحا جليا لكل ذي عينين وأذنين، فالذي يحرم الاختلاط ويدعو إلى محاسبة أصحاب الفضائيات ويدعو إلى التوحيد ويحذر من التعلق بالموتى سيوضع ضمن خانة العلماء المتشددين والمتزمتين بكل بساطة، وسيفسر كل ما يقوله في هذا الشأن بأنه دعوة للتكفير وإباحة الدماء، بينما من يشكك في حرمة الاختلاط والغناء ويزعم أن النقاب بدعة دينية وعادة خليجية ويخالف ما أجمع عليه علماء الأمة فسيوضع ضمن خانة العلماء الجريئين والمنفتحين بكل سهولة، وفي هذا أستذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».
أخيرا، أقول للبقية العاقلة من العاملين في الإعلام والصحافة وغيرهم ان لحوم العلماء مسمومة، وأذكرهم بقوله عز وجل (وقفوهم إنهم مسؤولون)، وأحذر من أوغل في أعراض أولياء الله استهزاء وسخرية وتهكما، وأذكرهم بالحديث القدسي «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب»، ولا أظن أن بعد هذا الوعيد وعيدا.
[email protected]