أكرمني الله تعالى في صيف 1999 و2000 بحضور عدد من الدورات العلمية المكثفة في منطقة العلم وملتقى العلماء في عاصمة بلاد التوحيد الرياض، كدورة شيخ الإسلام ابن تيمية ودورة الإمام علي بن المدني، وشرفني الله بالالتقاء بالعلماء كأمثال العلامة محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله، وصالح الفوزان، إضافة إلى بركة التتلمذ على أيدي مشايخ كبار وثني الركب عندهم، كأمثال العلامة عبدالله بن جبرين، رحمه الله، والعلامة عبدالرحمن البراك أعلا الله قدره، وعبدالعزيز الراجحي وصالح آل الشيخ وزير الأوقاف السعودي الحالي، وغيرهم من العلماء الأجلاء الذين تكفيك رؤيتهم لشحذ الهمة وزيادة الإيمان، وتجعلك توقن أن الدنيا مازالت بخير، أيام مضت لكنها حلوة في أجوائها، أسأل الله أن يعيدها عليّ.
وعلى هامش إحدى هذه الدورات اجتمعت مع العلامة الشيخ سعد الشثري في أحد المجالس، فإذا بشيخ كبير يرحب ويهلل بقدوم الشيخ ويقول له ولمن معه: «أنتم على خير والشباب الذين معك على خير، وتحسدون عليه، لكن الفساد عم وطغى مع الأسف»، فكان يرد عليه الشيخ الشثري ويقول: «لا تقل هكذا، فالخير وأهله موجودون»، فلما أصر الشيخ الكبير على كلامه وكرره مرات عديدة، وكأنه والله أعلم أراد بتكرار كلامه الثناء والمدح للشيخ ليس أكثر، أجابه الشيخ الشثري بكلمات حفرت في ذاكرتي لا يمكن أن أنساها، قال له: اذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم «من قال هلك الناس فهو أهلكهم»، نعم لا تيأس فالخير موجود.
ويأبى طيف الإحباط واليأس الا أن يعترض طريق المسلم الداعي إلى الله، لكنه سرعان ما يدفعه ويحسن الظن بالله وبالآخرين، وأنا من بقية القوم الذين قد يعتريهم القنوط والملل والسأم في الطريق إلى الله، لكن حين ترى أصحاب الهمم العالية تتلاشى تلك الغيمة السوداء ويشع بدلا منها شعاع الأمل وتقوى الهمة، فحين ترى دروس الشيخ مشاري الخراز أو ترى مركز الارتقاء الذي يشرف عليه الأخ خالد السعيد أو قناة الشيخ العفاسي تذهلك الجدية والتصميم الذي يتحلى به هؤلاء.
مؤخرا التقيت الأستاذ علي العجمي مدير مشروع ركاز الإعلامي، وكانت لدي متابعة مسبقة للمشروع وإعجاب بفكرته وبنجاحه إلى حد لا بأس به، لكنني في اللقاء اطلعت على حقائق تخفى على الكثيرين تستدعي الإعجاب وبث روح الأمل، فـ «ركاز» تنتهج نهج العمل التطوعي والمنظم والتخطيط المستقبلي، ووصل طموح القائمين عليها غزو العالم كله في عام 2020 ليعم نفعها، ولم أستغرب حقيقة هذا النهج المميز لما علمت أن المشرف على هذا المشروع المبارك هو الدكتور الفاضل محمد العوضي. ختاما أقول: قطار الدعوة إلى الله «ماشي ماشي»، سواء ركبنا فيه أم تقاعسنا، ودين الله قائم قائم مادامت السموات والأرض فلم اليأس؟
[email protected]