صور الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم كثيرة، منها تضمن آياته وأوامره ونواهيه جوامع الكلم، فتأتي الآية بالكلمات اليسيرة تحوي معاني كبيرة وغزيرة، بل وحكيمة ومحكمة، فمثلا العرب كانت تقول في السابق «الموت أدرأ للموت»، فأتى القرآن بأفضل من هذه الجملة وبما يحقق المعنى وزيادة وبأوجز عبارة، فقال في (القصاص حياة).
نعم في القصاص حياة، فلولا القصاص لقتل القاتل ولم يتردد، والحكمة تقول «من أمن العقوبة أساء الأدب»، فإذا لم يجد القاتل ما يردعه فسيستمر في بغيه، وقتلنا له أبقى لأهله وأبقى لأهل المقتول، وكما أن الإنسان قد يضطر أحيانا للاستغناء عن عضو من جسده حتى لا يموت كما لو أصابه السرطان أو الغرغرينا، فكذلك المجتمع يتحتم عليه أحيانا أن يتخلص من العضو الفاسد الذي لا يرجى صلاحه والمفسد لغيره لكي ينعم المجتمع من حوله بالأمن والأمان.
بل إن في القصاص أيضا راحة نفسية وطمأنينة قلبية لأهل المقتول والمغدور، فهل لنا أن نتصور الألم والحسرة التي ستنتاب أهل الكويت والعراق لو أن المقبور صدام حسين أخلى سبيله لكبر سنه مثلا، أو أسقط عنه حكم الإعدام لكوننا في الألفية الثالثة حيث صرعات الموضة فيها هي إلغاء عقوبة إعدام الظلمة والمجرمين، وإباحة سفك دماء النساء والأطفال والشيوخ في فلسطين والعراق وأفغانستان تحت غطاء نشر الحرية.
حكم القضاء الكويتي بإعدام المتهمة بحريق الجهراء الأليم ومثله بقتلة الطفلتين آمنة وكريمة، وبقاء حكم الإعدام في القانون الكويتي عموما يدعو إلى الأمن والاستقرار، بل يستدعي منا الابتهاج والمفاخرة على البلدان الاخرى التي خضعت للأصوات النشاز، الأصوات التي انقلبت عندها المفاهيم وانتكست عندها الفطرة وصار عندها السفّاح هو الضحية.
أخيرا: إن كنا أحيانا نتسامر ونضحك على بعض قصص الأولين التي ولت بلا رجعة والداعية للاستغراب والاشمئزاز، كادعاء العرب أن الشرف في وأد البنات، أو ظن أهل البادية أن قطع الطريق أحد طرق الكسب والرزق المشروعة في الجزيرة العربية، فإنه حتما سيأتي الوقت الذي نضحك فيه على أنفسنا لإضاعة وقتنا وجهدنا في النقاش والجدال في الأمور البديهية والمسلمة وهي إبقاء أو إلغاء حكم الإعدام.
[email protected]