ألقي درسا بعد صلاة العصر في المسجد الذي أؤم فيه، وأحذر المصلين فيه من الشركيات والخزعبلات، ليكون الموضوع عن خطر التمائم، وأقرأ عليهم قوله صلى الله عليه وسلم كما في مسند الإمام أحمد «إن الرقي والتمائم والتولة شرك»، ثم لا ألبث أن أدعى مع صلاة العشاء لحضور تمائم مولود جديد لأحدهم فأجيبه بكل سرور رغم أن التمائم شرك كما أسلفت.
التمائم الأولى التي عنيتها في درسي هي ما يعلق برقبة الإنسان من جلد أو خرز أو غيره لجلب نفع أو دفع ضر، فهي من أمور الجاهلية التي جاء الإسلام لينهى عنها ويحرر العقل من رقها، فالنافع والضار هو الله وحده، وأما التمائم الأخرى التي دعيت إليها فهي العقيقة بحسب اسمها الشرعي الحقيقي، وهي ما يذبح من الغنم شكرا لله على المولود الجديد وهي سنة مؤكدة، إذن فأنا بنيت حكمي في إجابتي للدعوة على حقيقة الشيء لا مجرد اسمه.
وكذلك لو سمي أي زواج تحققت فيه الشروط والأركان الشرعية المعروفة عند فقهاء الإسلام بأسماء جديدة محدثة كزواج السياحة أو الزواج العرفي، أو زواج المسيار أو قل إن شئت «زواج شيار» (وشيار هو اسم يوم السبت في الجاهلية) فهو زواج شرعي جائز بلا شك أو ارتياب، إذن فالحكم سيكون بمدى تحقق شروط وأركان الزواج الشرعي من توافر الولي والشهود والمهر وقصد الاستقرار والاستمرار وخلو الزوجين من الموانع وغيرها، ولذلك يقع بعض من أهل السنة خاصة في الخلط بين زواج المسيار وغيره من الزواجات الباطلة أو المنسوخة في شريعتنا، ويظنها شيئا واحدا رغم أن الفرق واضح وجلي.
ومثل هذا من يخلط بين زيارة القبور والطواف حول القبور رغم وجود الفرق الشاسع بينهما، وكثيرا ما يقع هذا الخلط مع الأسف نتيجة جهل موغل أو نتيجة سوء نية، فزيارة القبور سنة مؤكدة تذكر المسلم بالآخرة، بينما الطواف حول القبور أقل أحواله أن يكون صاحبه واقع في بدعة ومخالفة للسنة، ما لم يكن يقصد التقرب إلى المقبور فيكون شركا أكبر.
باختصار يمكن إيجاز ما سبق من أمثلة بقاعدة فقهية تقول: «الحكم على الشيء فرع من تصوره»، فلا يمكن أن يكون حزب الله اللبناني هو نفسه حزب الله الذي أتى ذكره في القرآن لمجرد تشابه الأسماء، كما لا يمكن اتهام مشروع «القاعدة الحلبية» لتدريس اللغة العربية والقرآن والرياضيات لمجرد أن هناك تشابه بينه وبين اسم القاعدة بقيادة المتهور اسامة بن لادن، والأمثلة على ذلك كثيرة.
[email protected]