تقوم شبكة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة بإهدار دماء رجال الأمن في الكويت، فيقوم الجميع بإدانة هذه الجريمة، سنة كانوا أو شيعة، بدوا أو حضرا، إسلاميهم وليبراليهم، ولا غضاضة في ذلك إطلاقا، فالحق أحق أن يتبع.. لكن الغريب والعجيب تلك الإجراءات التي لحقت بهذه الحوادث الأليمة التي هزت أمن البلد، والتي من أبرزها إنشاء مركز الوسطية، ولست هنا أعيب مبدأ الوسطية السامي، ولا أعيب فكرة المركز ابتداء، لكنني أستغرب كون الشريحة المستهدفة بالدرجة الأولى لغرس مفهوم الوسطية هي فئة الأئمة والمؤذنين، فئة النخبة التي تحظى بالاحترام في أوساط المجتمع الكويتي المحافظ الذي تربى على إنزال الناس منازلهم، فكان أن ألزمت وزارة الأوقاف جميع الأئمة والمؤذنين بالالتحاق بدورة الوسطية لمدة تقرب من الشهر، وكأننا بذلك نريد تصديق مزاعم الغرب وأذنابهم عندنا بأن الإرهاب منبعه المساجد.
والعجيب أيضا أننا لم نسمع اعتراضا من هذه الفئة المستقصدة إطلاقا، وذلك لأنها في رأيي فئة واثقة بنفسها، معتزة بما عندها من كتاب وسنة تدعو إلى الألفة والسماحة، بالإضافة إلى أن استقصادهم بالدورات العلمية زيادة خير على خير، والمؤمن أكثر الناس استفادة من التذكير، كما قال تعالى (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، ومع هذا كله مازلنا نسمع من يكابر ويتهم وزارة الأوقاف بالتقصير، ويهمز بها ويلمز، وصار أقرب إلى ربع «ما يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب»، ممن يرون أن كل من يخالفهم في الفكر فهو عدو الوسطية، وكل من تختلف معه مصالحهم فهو إرهابي وتكفيري.
في حين تنشر على صفحات الجرائد وقائع أليمة تدمي قلب المؤمن الغيور عن بعض طلبة المدارس يسبون الصحابة الكرام، ويتهكمون على الخلفاء الراشدين، فإذا بادرت وزارة التربية مشكورة بمواجهة هذا الفكر بالفكر، وقامت بمحاربة ثقافة الكراهية قامت قائمة البعض مستنكرين.
ومثله تسجيل خطب الجمعة لخطباء المساجد، فإذا تلف الشريط أو تعطل المسجل أو نسي الخطيب ضغط زر التسجيل فسرعان ما تأتيه ورقة إفادة أو استدعاء من الوزارة تطالبه بتفسير ما حدث لتحاسب المقصر، ولم نسمع عن هذا اعتراضا ولا إنكارا، وفي الجهة المقابلة يرفض البعض مراقبة التجمعات التي تحوم حولها شبهة سب الصحابة ويراها نوعا من التجسس، «تلك إذا قسمة ضيزى»، وقسمة ظالمة وناقصة غير عادلة.
أخيرا: أخشى ما أخشاه أن أقوم يوما من الأيام لأقرأ خبرا أو قرارا أو نصا دستوريا جديدا يمنعنا من الغضب، أو يجرم مجرد الحزن ممن يسب الصحابة، ويتعدى على العشرة المبشرين بالجنة، ويطعن في شرف زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم، ويلزم بأبي هريرة والمغيرة بن شعبة ومعاوية درءا للفتنة الطائفية، لعن الله من أيقظها.
[email protected]