ضاري المطيري
المشاهد لحال بلاد الاسلام بعدما وصم اتباعه بالارهاب وما يحصل من بعض اتباعه الذي اقاموا الدنيا ولم يقعدوها بالتفجيرات تارة وبالاغتيالات تارة فشمل اعتداؤهم العسكريين والمدنيين بل طال الامر في احيان كثيرة النساء والاطفال ونزر قليل قليل ممن يسمونهم محاربين معتدين، والمشكلة الاعظم ليست في القتل نفسه بل الاعتقاد بشرعيته واباحته، والاشنع والاقبح ان يسمى كل ذلك جهادا، فان جلست مع احدهم وناقشته وجدته خاويا من العلم الشرعي وان وجدت عنده غيرة على الدين حقيقة فستجدها غير منضبطة وغير سوية، وترى احيانا فيه من الالم والتحسر على احوال المستضعفين من المسلمين الشيء الكثير، وياليته وقف عند ذلك الحد لكن تجاوزه الى الاستعجال في نصر الله، وقد قال نبينا ژ في مثل من هذا شأنه «لكنكم قوم تستعجلون» وكان ذلك لما اشتكى اليه البعض من تسلط كفار قريش.
وليستقرئ المسلم التاريخ ليستفيد العبر والفوائد، فنبينا ( صلى الله عليه وسلم ) ما كبرت رقعة الدولة الاسلامية التي انشأها على يديه الا بعد وفاته بمدة اي ما رآها، بل ما بلغت ذلك المبلغ العظيم من المساحة الا في خلافة عثمان ( رضى الله عنه )، بل وما ازدادت رقعة الخلافة الاسلامية على الاطلاق الا في الدولة العثمانية حيث بلغت نصف اوروبا، مما يدل على ضرورة توطين النفس على العمل من علم ودعوة والحذر من الاستعجال والتهور فلعل الفرج لا يكون في زمانك بل في زمن من بعدك ممن يكملون مسيرتك ويتمون ما ابتدأت به فاياك اياك والاستعجال.
ولينظر الى امام اهل السنة الامام احمد في تعامله مع فتنة خلق القرآن فهو لم يتعجل الخروج على الخليفة الذي فتن وعذب الناس لعلم الامام رحمه الله وتيقنه بأن فتنة الخروج اشد من هذه الفتنة الواقعة، ولقناعته بأن مثل هذه الفتنة لا ترد الا بالحكمة والحجة لا بالسيف والعصيان، والتاريخ برهن على ما ذهب اليه الامام، فعلامة عدم الاخلاص هو ان يتعجل الداعية او المسلم النتائج ويتعجل قطف الثمار قبل نضوجها، فما حصل من اولئك القانطين من نصر الله والذين ضاقت عليهم الارض الرحبة في اقامة دينهم هو فساد عظيم ارادوا به الخير ونصرة الدين في الظاهر لكنهم في حقيقة الامر ارادوا النصر السريع الذي ينسب لهم ويذكرون به، الا من رحم الله، فأرادوا ان يكون التغيير على ايديهم وفي عهدهم فيحصل لهم متاع الدين من التسميع والقراءة من حيث يشعرون او لا يشعرون، لكننا معشر الامة المحمدية التي تميزت بقوله عز وجل (كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) مأمورون بالعمل والتبليغ فقط ولسنا مسؤولين عن النتائج (فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب) فيقال اعمل ولا تنتظر النتائج، اعمل اعمل فهناك من يراك ويثيبك.