ضاري المطيري
أين الحرص على حفظ الشباب والنشء من منزلقات الطريق؟ أين العناية بغرس المسؤولية لدى قادة المستقبل؟ لماذا لا تعطى الفرصة للشباب والناشئة ممن لديهم الكفاءة ويتوسم فيهـم الخير للبلاد ان يتقلدوا بعض المسؤوليات الشاغرة التي تشغل بالوافدين بدلا من الكادر الكويتي الشاب والمحروم.
ولدينا شاهد على ذلك، وهم تلك الثلة من الشباب الذي عطروا اسماعنا عبر اذاعة القرآن من صلاة التراويح في مسجد الدولة الكبير في رمضان الفائت، بل ان بعضا منهم قد تولى الامامة المؤقتة في بعض المساجد عبر مشروع تبنته وزارة الأوقاف في البداية لكنها للاسف لم تكمله، ولا ندري ما السبب، حيث يهدف المشروع الى ممارسة طلبة كلية الشريعة الامامة او الاذان ككورس ميداني صيفي ممن اجتازوا الاختبار والمقابلة ولديهم الجرأة الكافية لذلك، ونجح في ذلك الجميع فكانت النتيجة ان طمح غالبهم بالاستمرارية لما رأوا من النفع العائد عليهم من مراجعة للقرآن وتحمل للمسؤولية علاوة على المردود المادي المعطى لهم والذي يؤسس لديهم كيفية تدبر انفسهم وعدم الاتكال على الآخرين.
ولنعلم ان وزارة الاوقاف في الآونة الاخيرة قد عسرت وللاسف الطريق امام مثل هؤلاء من الذين يحرصون اشد الحرص على كل ما يزيد من ايمانهم من علم وعمل ودعوة، فاشترطت على المتقدمين للامامة من الشباب الا تقل اعمارهم عن سن الرابعة والعشرين ونسوا أو تناسوا الائمة من العلماء الذين جلسوا للافتاء منذ الصغر حتى زمن قريب، فليس الامر يقتصر على الامامة اذن، ومعلوم كم هو الفرق الشاسع بين الامامة والافتاء، فبهذا الشرط المجحف لن نرى من جديد امثال القراء الافذاذ من الذين برزوا منذ الصغر كالقراء محمد البراك ومشاري العفاسي وفهد الكندري، وهم بهذا الصنيع ملأوا المساجد بالوافدين الذي هم أقل دراية بمجتمعنا الكويتي وما يستحسنه وما يستقبحه وهذا ملاحظ في المشاكل التي تقع بعد ذلك، وهذا لا يعني بخس قدر كثير من الوافدين الاجلاء، ثم زادت الوزارة الامر سوءا فاشترطت لتلك الوظائف ضرورة وجود شهادة شرعية لا غير، ومن المعلوم ان هذا تعنت في حق الطبيب الذي يكون لديه أحيانا من الفقه والقرآن ما يزيد على غيره وكذا المهندس او الجيولوجي الذي اراد ان يضمن وظيفة ذات مردود مادي مميز وان يجمع المجال الدعوي الايماني في الامامة او الأذان، وما اكثر أمثال هؤلاء من أبناء الكويت الذين ملأوا أوقاتهم بالتدريس الشرعي وهم مهندسون كأمثال داود العسعوسي فيصل قزار بل منهم من برز بالتاريخ وهو صيدلي كالدكتور أحمد الدعيج.
وانا هنا لا أعني ولا أقصد سوى من أثبت كفاءته العلمية الشرعية عن طريق قدرته على تجاوز الاختبارات المقررة للامامة او الأذان وعن طريق تزكية اهل العلم له، فنتمنى من المسؤولين اعطاء الشباب الفسحة في تقلد مثل هذه الوظائف التي تحميهم من تلك الافكار الهدامة وتشغلهم بالنافع والمفيد، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.