في مطلع الستينيات ترسخ عند العرب أن الحل بالاشتراكية، وظنوا أنها الخلاص مما هم فيه من تخلف وضعف، فإذا الاشتراكية مذهب هلامي لا خطام له، سراب يحسبه الظمآن ماء، ثم تاقوا إلى روح الإسلام وعزته في أواخر السبعينيات، ومع الأسف لم يجدوها سوى في ثورة جهيمان في مكة المكرمة، وفي ثورة الخميني في إيران، فإذا هي أماني أقرب إلى الخيال منها الى الحقيقة.
وفي الثمانينيات بنى الكثير من السذج الآمال على المقبور صدام حسين، حتى صيره البعض سيفا للعرب، فإذا به يشق العالم الإسلامي والعربي نصفين، وفي أواخر التسعينيات تاق البعض من جديد إلى عزة الإسلام، ووجد ضالته مع الأسف مع أسامة بن لادن، في حين وجد البعض ضالتهم في حسن نصر الله، فالأول أحرق أفغانستان وأذهب جهد المجاهدين ضد السوفييت الأعوام الطويلة كأن لم يكن، والآخر لم يعجبه الأمن والأمان الذي ساد لبنان حتى حولها إلى حرائق.
الستينيات إشتراكية، والسبعينيات جهيمان والثورة الإيرانية، والثمانينيات صدام حسين، والتسعينيات أسامة بن لادن، وفي الألفية الجديدة حسن نصر الله، متى نتعلم إذن؟ أفي كل عشر سنوات لنا مذهب جديد، يتبناه الدهماء من الناس والغوغاء، ويغيب دور العلماء والحكماء، والله المستعان؟ نسمع الآن دعوات للتغيير في تونس وفي مصر، وفيما يبدو في الأردن واليمن وسورية والجزائر، ثورات ومخططات لا يعرف لها قائد، فضلا عن أن يكون هذا القائد عاقلا حكيما يخاف الله في الناس، فمتى نتعلم؟ متى نتعلم أننا لن نستطيع أن نغير سنة الله في خلقه؟ لن نتمكن من تغيير ما حولنا حتى نغير ما بأنفسنا، نغير ما بداخلنا، يقول الله تبارك وتعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، لنحسن علاقتنا مع الله حتى يحسن الله علاقتنا مع الآخرين.
أخيرا: يقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»، ونحن لدغنا المرة تلو المرة تلو المرة، ولغاية الآن لم نتعلم ونعي حجم المؤامرات التي تحاك من حولنا، ولم يتبين لنا العدو من الصديق، وهذا إن دل فإنه يدل على ضعف الإيمان، الإيمان الذي يقتضي العقل والحصافة، وفي الحديث «المؤمن كيس فطن».
[email protected]