أُسقطت الملكية في مصر يوم 23 يوليو 1952 نتيجة الثورة التي قادها جمال عبد الناصر، وكانت ثورة استبشر الناس بها خيرا كان من امتداداها لمن نسي أو تناسى الرئيس السابق محمد حسني مبارك، هذه الثورة انقلبت على الشعب المصري لتكون أداة قتل وقمع، بالطبع هذا القتل وهذا القمع أوجد له البعض مبررات كما أوجد إخوانهم اليوم مبررات لضحايا المظاهرات، فزعموا أنها من ضرورات ولوازم نجاح أي ثورة وأي مظاهرات، وهاهم المصريون قد انتظروا منذ 1952م ولغاية 25 يناير 2011 ليقولوا «كفى انتظارا للتغيير»، والغريب أنهم رفعوا في المظاهرات صور الرئيسين السابقين عبد الناصر والسادات، إذن لم نتعلم الدرس.
شجعت الثورة المصرية الشعب الليبي فأسقط الملكية على يد الحاكم المعمر معمر القذافي، وبدأ العد التنازلي له فيما يبدو، وكذلك أسقطت الملكية في العراق في 14 يوليو 1958 بدافع أنهم عملاء وخونة، لتتوالى الانقلابات الدموية بين قيادات همجية وعميلة أيضا، استقر بها الحال على المقبور صدام حسين، وصدام كإبليس لا يعرف، ومع الأسف مازال البعض يستخدم دافع تهمة العمالة للثورات غير المدروسة العواقب، ثورات كثيرا ما يستغلها انتهازيون، من عباد المال والمنصب، فإلى متى نعي الأبعاد الحقيقية للأمور؟
وأسقطت الملكية في إيران زمن الشاه في 28 نوفمبر 1979، لأنه بالطبع عميل الأمريكان، وكان البديل الخميني الذي قدم على الطائرة الفرنسية، والتي سارعت حينها قيادات الإخوان في مصر لمباركة ثورته، الثورة التي تمنع بناء مسجد واحد في طهران، فمتى نقرأ التاريخ لنفهم حقيقة ما يجري، وما يحاك في ظلم الليل المدلهم من مخططات وحروب وقودها الدهماء والرعاع، وكذلك أسقطت الملكية في أفغانستان فخلفت وراءها المآسي، 90 عاما من الحروب الأهلية، فمتى ندرك أن مشاكلنا لا تحل بالأماني والتهور؟!
لا أظن أن ما حدث ويحدث في العالم الإسلامي والعربي من ثورات مختلفا عما حصل قبل عشرات السنين، فالتاريخ يعيد نفسه، وما يجمع الثورات القديمة والحديثة هي غياب الرؤية الواضحة وحضور الحماسة وحدها، غياب العقل وحضور العاطفة، ثورات حتى الآن ليس فيها ضمانات حقيقية لتطبيق شرع الله، وكفى بشرع الله ضامنا لبقية الآمال المنشودة للشعوب العربية والإسلامية وغيرها، لا تفرحوا بموجة الثورات التي يغيب عنها العلماء والحكماء والعقلاء، فستتلوها موجات من الدمار والاقتتال الداخلي وتسلط الأعداء الخارجيين، انظروا إلى أفغانستان والصومال والعراق ولبنان وفلسطين، وللعلم دائما ما تجد رائحة المؤامرات الأميركية الصهيوينة الطائفية الخبيثة في هذه المشاهد تزكم الأنوف.
صراحة أتمنى وأدعو الله أن يخيب ظني، وأن تكون قراءتي التي ذكرت للتاريخ الإسلامي وتسلسل الأحداث في غير محلها، وتكون خاطئة كاذبة، بل تكون ضربا من التشاؤم المتكلف، لذلك فقد طالبت كغيري ومازلت أطالب بالإتيان بمثال على مظاهرات وخروج على حكام خلفه حكم إسلامي عادل، إيجابياته الملموسة المحسوسة أكثر بكثير من سلبياته الحتمية، لكن لا مجيب لغاية الآن.
أخيرا، أتساءل: هل هناك مسلم عاقل حر لا يحب زوال الظلم وسقوط الطواغيت؟ إذن فلماذا يتوهم البعض أو يوهم الآخرين بأن القائلين بحرمة المظاهرات آسفون حزينون على زوال الأنظمة ورموزها الفاسدة، فهل يمكن وصف الإمام أحمد وابن تيمية وغيرهما الذين صابروا على قول الحق وبيان الدين بأنهم علماء سلاطين لمجرد تحريمهم الخروج على حكام المسلمين؟!
[email protected]