ضاري المطيري
مهلا عليّ أيها القارئ ولا تعجل، ولا تحسب ان هذا المقال سيحكي عن تلك الكرة الكويتية النسائية التي ظهرت علينا في الآونة الأخيرة كموضة غربية وغريبة، ليس لها معنى أو هدف اطلاقا سوى البهرجة وطلب الصخب الإعلامي، على ما فيها أيضا من التحدي والتعدي حيث انها كثيرا ما تقام في مناطق عرف أهلها بالحشمة والحياء، انما أردت الحديث عن تلك الكرة الحقيقية التي فيها المهارة والفن والابداع بالرغم من عدم مشاهدتي لها شخصيا انما أكتب على ضوء ما قرأت وسمعت، والله يكافيني واياكم شر النظر اليها، انها بطولة كأس العالم لكرة القدم النسائية الفائتة.
فبادرني حينها سؤال محيّر، أين دعاة الاختلاط من هذه اللعبة؟ التي فرّقت وفصلت بين الجنسين، بل أين هم دعاة حقوق المرأة من هذا التمايز والتقسيم البيّن الواضح؟ لذا برأيي يجب على «الفيفا» القيام بدور فاعل وقوي في اقرار قوانين التسوية بين الجنسين على نطاق القطاع الرياضي ككل، ويجب عليهم العمل على فرض نظام الكوتا على منتخبات كرة القدم المختلطة، ومن لا يطبق هذا القانون تُفرض عليه عقوبات ويُحرم من المشاركات الدولية كما هي الحال مع الاتحاد الكويتي لكرة القدم ومشاكله العويصة مع قرارات الفيفا الأخيرة، وبعدها ومع الزمن ان شاء الله ستتغير قناعات العالم الذكوري وعلى الأخص الجمهور الرياضي بأن مستوى لاعبات كرة القدم لا يقل قدرا عن مستوى اللواعيب الكبار أمثار بيليه ومارادونا ورونالدينيو، ومع مرور الأيام سيتغير الفكر السائد المضطهد للمرأة في العالم الغربي المتخلف الذي استمد فكرة فصل الجنسين من عاداته وتقاليده الموروثة والبالية.
تساءلت أيضا اما يعلم القائمون على مثل هذه البطولة ان العالم الجديد أصبح لا يفرق بين المرأة والرجل فهما عنده سيان، ولماذا هذا التعجرف في اقامة بطولتين لكأس العالم على نظام فصل الجنسين كما هو معمول لدينا في جامعة الكويت (غصب على بعض الناس)، وهل كانت الدواعي هي وجود الفروق البدنية والعضلية بين الرجل والمرأة، أفلا يعلمون اننا بمقدورنا ان نُذيب هذه الفروق ونعمل على المساواة، خاصة كوننا في أول الألفية الثالثة حيث عصر التقدم والعولمة.
حقا تعجبت من حال دعاة التعليم المختلط أو سمّه التعليم المشترك كما يحلو لهم، وما يدرون ان تغيير الاسم لا يغير من مضمون المسمى شيئا، فلو سمينا الجحش غزالا وسمينا الغزال جحشا فلن تتغير ماهية مثل هذه البهائم اطلاقا، هؤلاء الدعاة قد يئسوا وأفلسوا من كل الطرق الديموقراطية في فرض رأيهم، ففشلوا في اقناع ممثلي الشعب وأركان الديموقراطية في مجلس الأمة، وأيضا على مستوى الطلاب والطالبات المعنيين بهذه القضية في الدرجة الأولى، فها هي قلاعهم وحصونهم تسقط في كلية وراء كلية، فلا هم نجحوا في الاتحاد على مستوى الجامعة ليمثلوه، ولا هم نجحوا في الجمعيات على مستوى مختلف الكليات ليمثلوها، فهم في انحسار دائم وتشرذم مطرد بسبب افكارهم الخاوية وأساليبهم الملتوية، حتى ان بعضهم صار يخرج علينا في الأيام الأخيرة بالتشكيك في قرار منع الاختلاط الديموقراطي مرة باللمز والغمز في مصداقية القرار ومرة بالطعن بنوايا المطالبين به.
وقفة أخيرة، سؤال آخر يجول في خاطري كلما سمعت تقويما أو نقدا لاذعا من البعض للقوانين المُسنة في المجالس السابقة، كيف يكون قانون منع الاختلاط وقانون عمل المرأة عندهم غير ديموقراطي وغير منصف رغم نيلهما الأغلبية ان لم أقل اجماعا من المجلس، وبالمقابل قانون حقوق المرأة السياسية الذي لم يؤيد بأكثر من 20 عضوا منتخبا من أصل 50 عضوا يعتبر احقاقا للحق وترسيخا للديموقراطية، فيا ترى ما مقياس القانون والقرار الديموقراطي الصحيح عندهم؟ أهو المزاج والموضة أم هو رأي الأغلبية من الشعب؟ اللهم ارزقنا البصيرة في الدنيا والدنيا.