ضاري المطيري
لا نريد ان تبقى الوجوه التي تنادي بمحاربة الفساد ثم هي بعد ذلك تخادن وتجامل المفسدين، لا نود ان تبقى تلك الشخصيات التي تصيح وتزلزل المجلس بمن فيه ان هي رأت التعدي والتجاوز على حقوق الآخرين ومدخرات الدولة، لكنها لا تلبث طويلا حتى تجدها تشاطر الظالم والغاصب في ضحيته، لذلك نود ان يدخل المجلس من يريد الاصلاح ما امكنه الله الى ذلك سبيلا، نريده قويا امينا، فإن رأى من نفسه تقصيرا او في قدرته عجزا بما لا يمكنه من تلبية الطموح انسحب مرفوع الرأس وليس لاحد عليه شرهة او منة بعد ذلك.
تعبنا من كثرة الفرص التي تعطى لبعض المتنفذين او المسؤولين في القطاعات الحكومية، تلك الفرص التي تعطى لاصلاح الوضع وتحسين الحال، وبعدها ننتظر وننتظر فاذا هو يستغل هذه الفسحة من الزمن في تطبيق بعض مآربه الشخصية وتنفيع بعض من هم حوله من زبانيته «فلا طبنا ولا غدا الشر»، فأصبح المفسد يتذرع بذرائع الاصلاح والمصلح يحاسب ويوصم بصفات الفساد.
ان ما سمعناه من النائب وليد الطبطبائي من عزمه على الاستقالة في حال لم تبدأ مسيرة الاصلاح الحقيقي في القطاع الصحي، هو اشارة خطيرة تنبئ بالشر المستطير الذي حل بالوضع الصحي في الكويت بل وصعوبة معالجته، وانا هنا لا اريد الحكم على من تولى زمام وزارة الصحة من الوزراء بأعيانهم بقدر ما اتمنى معالجة التخبط في المستشفيات وما يلاقيه المواطن والمقيم من اهمال، لقد مل الشعب من تردي الاوضاع الصحية وستكون له بلا شك وقفة قوية في الانتخابات المقبلة امام كل من خذله من اعضاء المجلس ممن عقد عليهم الآمال في المطالبة بتحسين القطاع الصحي، ولا ريب ان مثل هذه الازمات المتعاقبة في مجلس الامة، بسبب بعض الفساد المستشري في البلاد الذي يعجز عن حمله البعير، هو بعض نتاج تلك التشكيلة الحكومية التي سلقت سلق البيض بل اسرع من ذلك، فكان تشكيلها ترضية للبعض على حساب الاكثرية بل على حساب المصلحة العامة.
اقولها، وياليت د.وليد الطبطبائي يسمعني، كنا نتمنى ان تكون عندنا في الدائرة الرابعة فإن كان لك محبون هناك في كيفان فثم الكثيرون هنا في دائرتنا معجبون بأعمالك واطروحاتك بل ويرجون ان يكثر الله من امثالك، وان كان هناك خاسر فهو المجلس الذي ليس فيه امثال الطبطبائي، فأمثالك من الذين نالوا ثقة دائرتهم اربع مرات على التوالي قليل، ولقد كنت صرحا عاليا في الدفاع عن الدين والاخلاق فلله درك.
في نهاية المطاف وقبل الختام اذكر انني قرأت مقترحا لاحد الكتّاب في احدى الصحف المحلية يتمنى فيه لو افتكت الحكومة من بعض العاملين في المجلس بل سمهم ان شئت بمشاغبي المجلس بتعيينهم في وزارات الدولة التي يكثر عليها الكلام واللغط وتدور حولها الشبهات والشكوك، فكان المقترح فيما اذكر ينص على تعيين د.الطبطبائي للصحة ومسلم البراك للمالية ود.فيصل المسلم للاعلام والعمير للتربية، وما ادري صراحة ما قصد الكاتب: أهو جاد ام هازل؟ لكن المهم ان مثل هذا المقترح سيخلق انعكاسا لرؤية الشعب، وحينها يقال حقا اعطوا الوزراء فرصا للاصلاح، وقديما قالوا «اللي في الجدر يطلعه الملاس»، فإن كان من مفسد بعد ذلك فلن ترحمه كلمة الشعب الكويتي في يوم الاقتراع (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).