كثيرة هي العادات والأخلاق والأعراف التي كانت في العرب راسخة في عروقها لم تتزحزح، فيها الجميل وفيها القبيح، جاء الإسلام ليعزز الحسن منها وينكر القبيح، وما كان منها مختلطا بين الحسن والقبح سعى إلى تنقيته وتقويمه وتسخيره في خدمة الإسلام كالتقسيم القبلي والعشائري، فحافظ الإسلام على هذا التقسيم بعدما فرغه من العصبية والتعالي والأحقاد، ورفع شعار السواسية، ورسخ مفهوم «إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
نعم رفع الله رابطة العقيدة على ما سواها من الروابط، فقال تعالى (إنما المؤمنون إخوة)، ومع ذلك لم ينكر الروابط والأواصر الأخرى التي لا تخالف دينه، وإن كنا نحن العرب نعاني من العصبية فهذا لا يدعونا إلى إنكار عروبتنا والانسلاخ منها، أنا عن نفسي مطيري، وجاري رشيدي وآخر عدواني، ورفيق دربي عجمي، وزميلي شيعي، وربعي الذين ألتقي بهم خلال عطلة نهاية الأسبوع في الاستراحة حضر وبدو، كويتيون وخليجيون، عرب وعجم، أحبهم وأحترمهم مهما اختلفنا.
وهذا لا يمنعني من نصرة قبيلتي من الهجوم المتسلسل عليها وعلى رموزها وممثليها، تسلسل لا يدع مجالا لإحسان الظن البتة، يقيني غير قابل للشك، هجوم وإن كان من قلة، لكنها قلة نافذة سليطة اللسان لا تعرف للحياء قيمة، ففي أول مرة نشرت مطوية في انتخابات تهاجم القبيلة وأميرها، وتتهمها بأقذع التهم، فقلنا وراءها سفيه، قد التصق حاجباه بعضهما ببعض، لم يجد مع الأسف من يلجم فاه بالتراب، فآثرنا الصمت لأن الكويت غالية، خرجت بعد ذلك قناة فضائية تسب مطير وغيرها من القبائل يتزعمها سفيه آخر خريج سجون، فقلنا لم الغضب؟ ولم كل هذه الحساسية؟ فلسنا الوحيدين المستهدفين، وهونها وتهون، لكن أن تسحب جنسية الديحاني، ويسحل الوسمي، ويقتل الميموني، ويفصل المحقق المطيري من عمله، وتفرد المقالات واللقاءات بتسفيه القبيلة جهارا نهار، في فترات متقاربة، فهذا أمر الغضب فيه دين وعقيدة ونخوة، وليس عصبية وقبلية.
وما دفعني أكثر نحو الكتابة في هذا الشأن الحساس هو استغلال بعض الطائفيين هذا العراك المفتعل بين القبيلة وبعض المتنفذين للنيل من عقيدة السلف، فوجدنا كيف أن بعضهم وصف عقيدة الإمام محمد بن عبدالوهاب بالعقيدة الصحراوية إشارة إلى أهل البادية عموما وقبيلة مطير خصوصا، ولذلك سمعنا بالتصدي لمد البدو، ومحاربة الشماغ الأحمر، والموقف المزدوج من قضية البدون والمزدوجين، الموقف القائم على الطائفية لا على الإنسانية والمواطنة.
أخيرا وللتأكيد على أن دعوتي هذه تأتي ضمن الدفاع عن شريحة من شرائح المجتمع تم استهدافهم بشكل سافر ليس إلا، وليست فيها دعوة للتعصب القبلي المقيت، فإننا نؤكد أن بنغلاديشيا مسلما تقيا خير من كويتي متكبر أو مطيري متعصب، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، فقد قام في حجة الوداع خطيبا وقال «يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى»، ويؤكد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فيقول في كلمات بديعة تحتاج مزيدا من التأمل «ليس في كتاب الله آية واحدة يمدح فيها أحدا بنسبه ولا يذم أحدا بنسبه».
[email protected]