ضاري المطيري
ها نحن الآن في العام الميلادي الجديد 2008، وقد انقضى عام 2007 وانقضى معه استنكار وتهويل البعض من فتاوى اهل العلم والفهم في حرمة مشاركة اليهود والنصارى في اعيادهم باعتبار ان العيد شعيرة دينية يختص بها كل دين عن الآخر، بعضهم للأسف جعل من مصطلح التكفير وما يحويه من نفرة وتقزيز ديدنا له في اتهام الآخرين به، ونسي أو تناسى الوسطية التي يدعو اليها، تلك الوسطية التي تدعو الى ذوبان الاسلام واختفاء معالمه كمعلم الولاء للمؤمن والبراء من الكافر.
ارسل رسالة الى من تقشعر جلودهم من مجرد سماع كلمة التكفير، أين أنتم ممن يكفر قادتكم وعظماءكم وممن يطعن بشرف قدوتكم وحبيبكم ( صلى الله عليه وسلم )؟ للأسف ان شهر الله المحرم اعتاد البعض اعتباره موسما للطعن بالصحابة الاطهار والخوض في اعراضهم والحكم على نياتهم، وهنا اريد ان أرى ممن اكثر الكلام في شرعية الكريسماس في سبيل التودد الى الغرب شيئا من الجهد والبذل في الكتابة او الخطابة للذود عن عرض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) المتمثل في شرف ازواجه كعائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق، وبودي ان ارى منهم استنكارا او استهجانا للذين يتقربون في مثل هذه الايام بسب اطهر جيل عرفته البشرية جيل صحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ولنا في رسول ( صلى الله عليه وسلم ) اسوة حسنة، فقد جاور اليهود في المدينة وأحسن جوارهم وجعلهم يرون منه اللطف والوفاء بالمواثيق والعهود، وبالمقابل رأوا منه سعيه الحثيث لمخالفتهم حتى في طريقة تسريحة شعرهم فقد فرق بين شعره حين علم ان اليهود يسدلون شعورهم، وحتى صيام عاشوراء الذي نشابه فيه نحن المسلمين اليهود من حيث المبدأ وهو شكر الله في هذا اليوم لأجل نجاة موسي عليه السلام نبي بني اسرائيل ونبي اليهودية الحقيقية فقد رغب ( صلى الله عليه وسلم ) بمخالفتهم وذلك بصيام يوم زائد عليهم وهو تاسوعاء كما ورد في الصحاح.
كلنا ضد التشدد والغلو في الدين، كلنا نرفض التزمت والتنطع فيه لأننا نعد هذا كله من الزيادة في الدين والابتداع فيه، لكني اخشى من تناقض البعض في كونهم ينافحون عن اهل الملل المغايرة ولا نجد لهم اصواتا في شأن ما يلاقيه اخوانهم وأئمة دينهم من تعد وقذف في مثل هذه الايام، فيكون ذلك التناقض سببا وذريعة لأن نرى من الخوارج من يصفنا بالكفر أو يسمنا بالمداهنة أو بتمييع الدين على المشتهى والهوى.
لماذا لا نجد ردودا من البعض واستنكارا لاذعا على من يكفر ولاة أمرنا وعلماءنا وصحابة نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) بقدر تلك الردود على من يكفر بالله ورسوله وذلك في قوله تعالى (لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة - المائدة: 73) البعض للاسف اغرق الصحف بتصريحاته ذات اليمين وذات الشمال بداع وبغير داع وختمها بجواز تهنئة النصارى بأعيادهم بدعوى تأليف القلوب والحث على التآخي، وأغمض عينيه عمّن يعبد الله بسب وتكفير خير جيل عرفته البشرية هذا ان لم يشاركهم في ذلك، فلا نسمع بعدها تلك الصيحات المنادية بالتآلف والمودة، حيث يغلق هذا الباب ولا يفتح الا بعد اشعار آخر، فأين هي الوسطية إذن؟ وأين هي السماحة؟ ألسنا كمسلمين أحق بها من غيرنا؟ والله المستعان على ما يصفون.