ضاري المطيري
بيروقراطية حكومية معتادة، روتين اداري طويل وممل، فساد مستشر في غالب الأجهزة الحكومية، مزاجية القرارات الادارية، غياب للقوانين الداعمة للاستثمار، فردية في اتخاذ القرارات المصيرية، تشريعات بالية، تهديدات خارجية، أزمة اسكانية مستعصية، مشكلة البدون الانسانية، غلاء الأسعار الفاحش، كل هذه الأشياء التي يعاني منها اهل الكويت هل ستحل وتنتهي؟ استغرب حقيقة ان ترتبط هذه الاخفاقات مع شروط الحفلات الغنائية التي اقرها المجلس، او يظن البعض ان هناك علاقة بين هذه المشاكل ووجود رقابة اعلامية من رجال أمناء، او يعتقد ان التقدم والرقي لا يتحققان الا بإزالة هاجس «هذا عيب وهذا حرام» وان كان هناك رابط مقنع واضح يفهمه العقلاء فأقنعونا هداكم الله، والا فكيف تربط الحفلة الماجنة المختلطة بحل ازمة الإسكان؟ وكيف تكون هناك علاقة بين غلاء الأسعار ورقابة الإعلام؟ او هل بالامكان ان نتصور ان اللقطات المقطعة في أفلام السينما تسببت في انخفاض الأسهم وانكسار البورصة، وهل يتصور عاقل ان منع الاختلاط تسبب في تردي العملية التعليمية؟
وللنظر الى الأمر بجدية وبعين الإنصاف، فها هي السعودية في ازدهار مطرد وتنمية منقطعة النظير دون ان تحتاج الى التخلي عن أخلاقياتها ودينها الإسلامي، والأمثلة في ذلك كثيرة، وليعلم ان عدم الربط بين بقاء نعمة الله وزوالها وبين وجود المعاصي وعدم نكرانها جهل في الشريعة واتهام لحكمة الله وعدله ومخالفة ايضا لصريح القرآن (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
نشرت الزميلة «القبس» في عدد الأحد 13 يناير الجاري استفتاء ضم 300 شخص، وسؤاله يقول: هل قرار الحكومة بعدم منح تراخيص اقامة الحفلات الغنائية في رأس السنة صائب أم لا؟ وكانت النتيجة المدهشة هي ان 67% قالوا نعم في مقابل 33% قالوا لا، اذن اين من يزعم ان الشعب مل من رقابة المجلس للجوانب الأخلاقية؟ وقد رأيت بعضهم قام بتصوير شارع الخليج المزدحم طوال أيام الاسبوع ولا يعرف ليلا من نهار وذلك طبعا بسبب خططنا المرورية الرائعة، المهم ان من قام بنشر هذه الصورة اشار اليها بأنها تمثل زحام اهل الكويت الذين ابوا الا الخروج والابتهاج بقدوم رأس السنة وانفجروا على القيود التي كبلتهم على حد زعمه، وصور اهل الكويت وكأنهم ليس لهم هم سوى مثل هذه الاحتفالات، ولا ادري من يخاطبون وعلى من يضحكون؟ انصح القارئ الكريم الى الرجوع الى الزميلة «الشاهد» بتاريخ الخميس 10 الجاري للاطلاع على ما احتوته الكتب التي لم يطلها المنع للأسف بدعوى الانفتاح وفيها «الملائكة جرد مرد حول العرش يطوفون ويرقصون» وقد بيعت في معرض الكتاب وما لم اذكره اعظم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أرجو ألا يساء الظن في أن من وراء فكرة الخيالة هم اصحاب التوجه الإسلامي أو ما يسميه البعض الظلامي وهذا لعله يرجع الى الظلام الواقع على اعين هؤلاء البعض، واقول هذا حتى يسلم هؤلاء الخيالة وفرسان الطرق من اذى أقلام وأفواه بعض كتاب الصحف هذه الأيام، وبالأخص اذا علمنا عن مدى سعادة وفرح العوائل التي لا غنى لها عن التجول والمشي على الخليج من اجل الاستجمام والترويح بمثل هذا القرار الصائب، فشكرا يا داخلية وشكرا أيها الفرسان.