ضاري المطيري
الانتخابات الفرعية سيئة في تحجيمها وتضييقها لعملية اختيار الناخب للمرشح الأنسب وتحرم غير القبلي أو مَن قبيلته ليست بأكثرية في دائرته من الوصول الى البرلمان، ومن مساوئها ايضا انها تكرس اختيار المرشح بطريقة الأنفع للقبيلة وليس للوطن فتحرم الناس من المرشح صاحب الفكر والمواقف لكنها كغيرها من الأمور لا تخلو من منفعة وان اختلف في تحديد هذه المنفعة، فالفرعية تريح اصوات الاكثرية سواء اانت قبيلة او حزبا في ضمان نجاح من يمثلهم في المجالس النيابية فتكون الفرعية بمنزلة الانتخابات الأولية أو التمهيدية.
والقضاء على ظاهرة الانتخابات الفرعية يجب ان يكون بطريقة عملية وليست بالمواجهة الشرسة التي تخلق عند الخصم المكابرة والاصرار على الخطأ، فالحل يكون بزيادة الوعي والعمل على تثقيف الناخب بأن يكون الاختيار للأكفأ وليس للقبيلة أو حتى الحزب، ولنترك الناخب للزمن فهناك كثير من المفاهيم السيئة زالت عبر الزمن، فكم من فرعية ماتت في مهدها دون تدخل للسلطة، وكم من قبليّ نزل لساحة الانتخابات دون ان يرضخ لسلطة القبيلة مؤكدا انه يمثل الجميع، ولا اظن ان العصبية القبلية المقيتة ستحارب وستجتث من جذورها بمحاربة الفرعية بالاعتقالات والاستدعاءات، فرواسب الأنساب والاحساب تصعب ازالتها بالكلية وان كانت مذمومة انما الحكمة في التعامل معها باللين والتؤدة فالمتتبع للتاريخ الاسلامي يجد ان هذه الرواسب تظهر احيانا وتختفي احيانا، لذا اخشى ما اخشاه ان يُلزم ويُجبر كل ناخب في المستقبل على الا ينتخب ابن قبيلته مهما كان وذلك بتوزيع استمارات خاصة لكل ناخب بحيث يعطى استمارة تخلو من اسماء ابناء قبيلته، فيعطى المطيري مثلا استمارة خالية من المرشحين المطران والعازمي كذلك والكندري كذلك حتى تضمن الحكومة ان الناخب لا ينتخب ابن قبيلته.
وبعدما رأينا في الايام القليلة الماضية من كثرة للدوريات وانتشار رجال الامن وارتفاع ضجيج المروحيات من اجل منع فرعية او اجتماع عائلي بريء، هل سنرى ولو استدعاء لمن يشتبه به في عملية شراء لذمم المواطنين ولمن يبيع الكويت بأرخص الاثمان؟ هل سنرى في القريب العاجل بعض العينات التي تمارس بيع وشراء الاصوات ملقاة في السجون؟ وهل يقتصر تطبيق القانون وفرض هيبته بمحاربة الفرعية وازالة الدواوين؟ هل لنا ان نرى قوانين معطلة يتمنى كل كويتي ان تحيا وترى النور في تطبيقها مثل تعجيل منح البيوت الاسكانية، التي اصبحت مجرد حلم يراود كل شاب؟ هل سنرى اغلاقا لبعض الجامعات الخاصة المخالفة لقانون منع الاختلاط؟ وعند غلقها هل سنرى من يكتب في الصحف ويؤازر هذا الاغلاق تحت دعوى تطبيق القانون؟ أم المسألة لا تعدو ان تكون «أبوي ما يقدر الا على أمي» أي بمعنى الحكومة لا تستطيع تطبيق القانون الا على الضعفاء، والنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقول «انما هلك الذين من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد»، فمحاربة الحكومة للفرعيات والدواوين بطريقة انتقائية القوانين تخلق عند الناس والطبقة الوسطى منهم خاصة (القبائل) شعورا بالغبن والظلم، فهي تعزز باجراءاتها التعسفية الاخيرة سوء الظن بها لمن ليس عنده سوء ظن بالأصل، في الختام لا اقول الا اللهم وفق ولاة امورنا للاصلح.