ضاري المطيري
مساكين أولئك الرجال الخيرون الذين نذروا أنفسهم للعمل الاسلامي واعانة اخوانهم الفقراء والمساكين، كم من عامل في تلك اللجان الخيرية نال من الطعن واللمز في عرضه وامانته من بعض الكتاب وبعض الحاقدين الذين يصدق عليهم قول ربنا (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون الا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم)، فإذا اعطت اللجان الخيرية الفائض من الزكاة للفقراء في الخارج قالوا لهم «وين أنتم رايحين تعطون الافغاني والافريقي وتنسون الكويتي ابن البلد»، وان منحوا الاعانات والمساعدات للكويتي وجعلوا الأولوية للعوائل الكويتية المتعففة قالوا لهم (هذا وقتكم يا اللجان.. فرصة سانحة.. رشوة في ظل الانتخابات تحت ستار توزيع الزكوات والصدقات)، وللاسف لكلا هذين القولين المتناقضين اتباع ومصدقون وكما قالوا قديما: «لكل ناعق اتباع» فلو قام احدهم على المنبر وصاح بين الناس يدعي النبوة لوجد له اتباعا ولو قلة، ومن نتاج من انطلى عليه القول الاول ان يأتي شاب كويتي على bmw آخر موديل ويركنها امام مقر اللجان يطلب الزكاة بعين كبيرة ويقول «وين تودون الفلوس المتكدسة عندكم انا مواطن أحق بها»، ومن نتاج من صدق القول الثاني ان يأتيني أحدهم يقول «لا تخف على صاحبك المرشح الفلاني سينجح في انتخابات الجمعية ان شاء الله، حيث انه كان عضوا في اللجان الخيرية وأكيد نفع ناسا كسب فيهم جميلا»، فحقا مساكين اهل اللجان وين ما يطقونها عوجة في نظر البعض فلله درهم.
أتتني فكرة هذا المقال وقت خروجي من لجنة العارضية للزكاة وملأي لاستمارة تزكية أخ سعودي ومصري وآخر كويتي، فتبادرني سؤال حينها أبالامكان ان ينفعني هؤلاء في حال فكرت بالترشح؟ حيث لا اظن ان هناك كويتيا لم تخطر على باله مثل هذه الفكرة المجنونة، وتساءلت: أمثل هذه اللجان تبغي نفعا انتخابيا او سياسيا حقا؟ كلا والله فقد عاينت هذه الحقيقة عن قرب، فبالرغم من ان طريقة انتقاء اعضاء اللجان ومسؤوليها مبني على الديانة وعلى من يظن به الامانة والورع وحسن الادارة الا اني وجدت اكثر من ينفر من هذه المسؤولية فلا يطول بقاؤه فيها هم طلبة العلم او ائمة المساجد لأنهم يرون انها تشغلهم عن طلب العلم والدعوة ولا يرون في رئاسة لجنة خيرية، اي ميزة على غيرهم او انها مكسب اجتماعي او مسمى شرفي يحرص المسلم عليه انما يرونه حملا ثقيلا وتكليفا شاقا يحتاج الى تفرغ وحسن تدبير، فكيف بعد ذلك يصور البعض ان رئاسة اللجان يتصارع البعض على تقلدها؟ أكتب وأنا معتقد حياديتي، حيث لم اعمل في اللجان وان كان لشرف عظيم ان اكون عاملا فيها.
لا اقول مثل هذا الكلام لأعطي هالة من الغلو والتعظيم على اللجان الخيرية أو ألبس القائمين عليها لباس العصمة ولكني اشهد على ما عاينته من قريب، خصوصا ان الشواهد على ما قلت بينة واضحة لكل ذي لب، فالكثير الكثير نالتهم بركة هذه اللجان فأعانت حديث الزواج وواست اليتيم وأعانت الارملة وخففت عناء الشيخ المسن واغاثة المنكوبين، ففقراء الدول الاسلامية يشهدون على ذلك والمساجد الكويتية في ارجاء المعمورة تشهد، ومن الادلة القاطعة على نجاح عمل اللجان استمرارية اقبال اهل المال والخير عليها وثقتهم على زكواتهم، واقول لمن يشكك في العمل الخيري في الكويت اقترب وانظر فان رأيت خطأ فقومه وان رأيت صوابا فعضده (فالذي يعمل خير من الذي لا يعمل)، فليس العمل الاغاثي حكرا على الاسلاميين او الملتحين اعمل انت وسدد النقص ولا تكن مخذلا لاخوانك، والله المستعان.