ضاري المطيري
كل من شهد الشهادتين فعليه العمل بمقتضاها، فشهادة ألا إله إلا الله تستلزم أن تصرف كل ما هو عبادة ويُحبه الله ويختص به إليه سبحانه، فالتحاكم لا يكون إلا لله كما أن السجود لا يكون إلا لله، وشهادة أن محمدا رسول الله ژ تستلزم التصديق بما أخبر ژ والائتمار بأمره والانتهاء عن نهيه، وليست الشهادة مجرد كلمة فارغة من محتواها وإلا لقالها مشركو قريش وبقوا على ما هم عليه من شرك وضلال، فالشهادة كالمفتاح للجنة فلا يدخل الجنة من لم يقلها لكن لابد لكل مفتاح من أسنان، فإن كانت الشهادتان مفتاح الجنة فأسنان المفتاح هي شروط الشهادتين الثمانية ومنها كما ذكر أهل العلم الانقياد والطاعة.
الإسلام حين شرح معناه أهل العلم قالوا «هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة» فلا معنى لمسلم لا يستسلم لأوامر الله ولا ينقاد لشرعه، وليس هناك في الشريعة سوى مسلم وكافر (فريق في الجنة وفريق في السعير)، ولا يقبل الله إلا الإسلام كما قال تعالى (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)، وإنما يكون التفاوت بدرجة الإيمان فهناك المسلم التقي وهناك المسلم الفاسق وهكذا (هم درجات عند الله) ما لم يقع في ناقض من نواقض الدين فيكفر وينتفي عنه مسمى الإيمان، أي انك كآدمي مكلف إن أردت النجاة فعليك بالإسلام ولا تأت بتقسيم مصطنع كمثل مسلم ديّن «مطوّع» ومسلم نُص ونُص أو عادي أو معتدل أو غير ذلك من المسميات التي لا تغني عند الله شيئا، فلو زنى الشيخ أو الصغير أو التقي أو الفاسق فهم سواء عند الله من حيث مبدأ المحاسبة والتكليف، وليس هناك إسلامي بمعنى أن الآخرين من المسلمين لا يتحقق فيهم هذا الوصف حيث التكاليف تختلف أو تقل، فالمسلمون على أنواعهم وتفاوت أعمارهم ذكرهم وأنثاهم مكلفون محاسبون، فالكل مأمور بتطبيق شرع الله على نفسه قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) أي ادخلوا واعملوا بالإسلام وبجميع شرائعه، فالكل مطالب بالعمل بأوامر الله واجتناب نواهيه قدر المستطاع لقوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم)، وكل من طلب النجاة من الخسران فعليه أن يؤمن بالله ويعمل ويدعو لدينه ويصبر على ذلك كله لقوله تعالى (والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)، فلا يأتينا رجل يشرب الدخان أو يأكل بالشمال أو يعاكس النساء وحين ينكر عليه المنكر يرد ويقول «أنا مسلم عادي ولست (شيخ دين) أو مطوّعا فالأمر في حقي أخف وأبسط».
ما لِهْ مذهب
من مِنا يمشي في هذه الدنيا دون مبادئ ترشده ودون قيم توجهه ودون ثوابت يرجع إليها؟ لا أحد حتى الكافر لديه من الأخلاق السيئة ما يستقبحها، وحتى السرّاق والحرامية يسود عملهم السيئ الإخلاص والأمانة ولو انعدمت الثقة بينهم لما أنجزوه، من منا ليس لديه عقيدة ودين؟ قطعا لا أحد إلا الحيوان، وأستشهد في هذا المقام بكلام العامة حين يصفون من ليست له أسس يجادل عليها أو قيم يتحاكم إليها أو ممن كل يوم له فكرة تناقض فكرتها السابقة أو من لا تردعه أخلاقه عن فعل الرديء بقولهم (ما له مذهب)، فكل من يعيش على هذه المعمورة له دين يؤمن به ويعمل بمقتضاه سواء حق أو باطل، فالهندوسي له دين فهو يعتقد أن البقرة تنفع وتضر، لكن المشكلة فيمن له دين ويخشى إظهاره أو له دين غير متيقن بصحته فهو يطعن ويلمز به ليل نهار حين يصبح وحين يمسي قبل الأكل وبعد الأكل، يا أخي يا من تشكك في دينك أو تشكك في دين الآخرين عليك نفسك والزم بيتك وكف شرك عن الناس.