كثير هم الذين التقيت بهم من الخليجيين والعرب، كلهم يتفقون على أن أكثر ما يميز الكويت هو تآلف أهلها، واجتماعهم على قلب واحد، ولنا في الغزو العراقي خير دليل على ذلك، فلم يجد طاغية العراق الآفل آنذاك عملاء أو خونة كويتيين يعول عليهم، وما نعانيه مؤخرا من نماذج تصادم هذه الصورة المشرقة عن الكويت وشعبها، وتشوه حقيقة تعقل ساستها وإخلاص نوابها ومصداقية إعلامييها إلا نتاج شرذمة قليلة، مارقة من الوطنية والأخلاق، شاذة برزت إلى السطح مؤخرا.
وفي الحديث النبوي الصحيح «إن المدينة تنفي خبثها» أي المدينة النبوية، فنسأل الله أن تكون الكويت والكويتيون من أهل الدين والخير والعطاء والوفاء قد نفثوا خبثهم، وطردوا جاهلهم يوم 10 مايو 2012 المشهود، ولا عزاء لـ 8331 ناخبا الذين خاطروا بسمعة بلدهم، وما أدوا الأمانة، وما أوفوا بالعهد.
واهم ثم واهم من يظن أن الأزمات التي نعيشها في الكويت هي نتاج مواجهة نسيج كويتي لآخر، أو تناحر بين بدو وحضر كما يحلو للبعض زعمه، بل هي مواجهة بين وطن ومتنفذين أعماهم الحسد، بين مشفق على الكويت وطائفي غرته إيران ونفوذها، ويكفيك دليلا على ذلك رؤية من دعم النائبين المثيري الجدل، اللذين ليس في برامجهما الانتخابية إلا السب والقذف، والتخريب والتهييج، وخصوصا تصريح أبو الفاكسات الذي استخف بعقول أتباعه، فزعم أن نجاح «الجاهل» انتصار لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان وصفه أيضا قبل الانتخابات بأنه يمثل الفرد الكويتي والشعب بكل مذاهبه، وأنه القنبلة التي سوف تنفجر في المجلس، حقا هو قنبلة، ورأينه في استجواب وزير الداخلية، فقد كان قنبلة بفتيل فاسد لا يخرج منها إلا الروائح الكريهة، والأصوات المقززة، يعني لا يهش ولا ينش.
أخيرا: العمالة والخيانة ليست فقط التخابر مع دول أجنبية، بل العمالة الكبرى والخيانة التي لا تبرر هي سب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والطعن في عرضه الشريف، وإيصال من يشق الوحدة الوطنية، والدفاع عن الكنائس ومعابد البهرة أكثر من دفاعه عن مساجد أهل الكويت، هذا إن لم يحرض على هدمها أصلا، هي فيمن يعادي بعث العراق لأنهم ليسوا من طائفته، ويؤازر ويناصر بعث سورية لأنهم على مذهبه، فهذه هي العمالة والخيانة بعينها، فيا ليت قومي يعلمون.
dhari_almutairi@